تزامن مهرجان أفلام السعودية مع حفل الأوسكار هذا العام، وشارك فيه 66 فيلما و34 سيناريو، والذي تزامن أيضا مع قرار إلغاء ليال سينمائية كانت ستعرض ضمن نشاط معرض الكتاب الدولي بالرياض في مارس المقبل. ومن المدهش أن الوزارة التي ألغت الليالي السينمائية بالرياض، هي ذاتها من دعمت المهرجان. ورغم المعارضة الكبيرة التي تلاقيها السينما، تمكن مجموعة من المناضلين لأجل الفن من تنظيم الدورة الثانية من المهرجان بعد سبع سنوات من دورته الأولى مؤمنين بالاحتفاء بـ"الحب والحياة والفن".
كانت استضافة مميزة على أرض الدمام لاحتضان الفكر السعودي الشاب المبدع في الفن السينمائي على أمل الاعتراف به رسميا. نعم لا نمتلك قاعات عرض سينمائية، ليس لأننا عاجزون ماليا، بل لأسباب ثقافية ترى أن السينما ثقافة دخيلة منها رفع شعار إيجاد سينما سعودية بضوابط شرعية الذي يبدو شعارا ومطلبا فضفاضا. هل المقصود به فصل أماكن الرجال عن النساء، أم إلباس الأفلام مفاهيم دينية محددة؟ هل الثقافة السينمائية يجب أن تكون ثقافة دينية؟ هل مشكلة ضبطها تكمن في توظيفها برامج توعية وإرشاد ووثائقيات مختارة، هل هذه هي مشكلة المنع؟ أم أنه رفض لتقبل واقع أن المجتمع ليس فردا ليفرض عليه نمط حياة محددا، بل هو وعي جمعي غير منعزل عن العالم.. كما أن الناس متعطشون للترفيه، تنفيسا عن هموم الحياة، خاصة بعد أن عاشوا في عزلة طويلة. فليس من الطبيعي أن يقتصر الترفيه لدينا على التسوق والحدائق العامة.
إن إحدى المفارقات العجيبة أن السعوديين يشاهدون الأفلام في منازلهم، ويتابعون أهم وآخر ما تعرضه دور السينما العالمية، كما أن أبناءهم يشاهدون كل جديد في الفن السينمائي عبر اليوتيوب ومواقع المشاهدات العالمية.
هل المسألة مسألة ترخيص رسمي لهذا لفن الجميل أم أنها مسايرة لفئة معينة ترفض أن تتسع الحياة لكل ما هو جديد؟ ما الذي يمنع أن تكون هناك صالات عرض للسينما، خاصة أننا نملك في السعودية ثقافة جميلة كما ظهرت في مهرجان الأفلام ويتعين علينا أن نظهرها للعالم.
إن صناعة الأفلام لم تعد مجرد ترفيه وهواية وتسلية، بل أصبحت عملا احترافيا، بل ويصنف نشاط السينما ضمن الأنشطة الاقتصادية التي تتيح للأفراد والشركات العمل فيها، إذا ما تم ترخيص السينما كأحد خدمات الترفيه والثقافة.
على المسؤولين في الثقافة والإعلام أن ينظروا للأمر بطريقة مختلفة، بحيث لا تكون من الزاوية نفسها التي ينظر بها المتشددون تجاه فكرة الثقافة والفن والحياة.