التطور المذهل لسيارة جوجل ذاتية القيادة التي يتوقع الاستفادة منها في عام 2020 حيث بدأت ألمانيا تجهيز طرقها السريعة لهذا النوع من السيارات، يجعلنا نبتهج لقيادة السيارات في شوارع أكثر أنسنة بعد أن فشل الإنسان في قيادة سيارته بطريقة إنسانية لا تجلب الضرر للآخرين، خصوصا لدينا حيث غياب المرور المزمن عن شوارعنا، والاكتفاء بكاميرات ساهر ذات النجاح المحدود نظرا لعدم توافرها على طول الطرق السريعة وغيابها عن التقاطعات الخطرة، بالإضافة إلى أن شوارعنا وسيلة الترفيه الوحيدة المتاحة لشبابنا وقناة تفريغ إحباطاتهم، والشوارع الوحيدة لتعلم قيادة السيارات ممن لم يتعلمها في بلاده.
ويبهج أكثر أن سيارات القيادة الذاتية قد تكون حلا لقيادة المرأة للسيارة في المملكة والحل الأمثل لتخفيض فاتورة السائقين في المملكة التي لا داعي لها.
إذا كان استخدام السيارة ذاتية القيادة سيقودنا إلى شوارع أكثر أنسنة ليس لدينا فقط، ولكن في العالم أجمع حيث لا مجال للانفعالات الإنسانية في القيادة ولا مجال لسائق مخمور أيضا.
وإذا كانت بعض الاختراعات تزيد العالم أنسنة كم نحن بحاجة إليها مع تزايد وتيرة الحروب حولنا، والتي تزكم الأنوف، فكثير من الاختراعات الذكية المليئة بالتطبيقات الإلكترونية المتقدمة تأكل الوظائف مثل ما يأكل بات مان أعداءه في ظل وجود 220 مليون عاطل في العالم منهم 22 مليون عاطل في العالم العربي هم وقود سهل لداعش وأخواته.
من يفرمل هذه الاختراعات من أجل وظائف للأجيال القادمة وسط غلث الرأسمالية الذي زاد عن حده، لا أحد يستطيع كبح جماح شركات العالم في جني الأرباح وإرسال العاملين إلى بيوتهم دون مراعاة لنسب البطالة في بلدانهم وفي العالم، واتجاه الأجيال الجديدة للعنف لسد لقمة العيش أو لإثبات الوجود لأجيال هم أكثر استعدادا للعنف بسبب المواد الكيماوية التي تملأ غذاء العالم بسبب غلث الشركات مرة أخرى للبحث عن غزارة الإنتاج، دون مراعاة للإنسانية التي تتعرض لتهديد خطير.
الآن دور حكومات العالم والمنظمات الإنسانية في تشديد النظر في الموازنة بين تسريع التقنيات الآلية التي تغني عن البشر وبين تأمين الوظائف للبشر، حتى لا يكونوا طعما سهلا للعنف والإرهاب ومن أجل عالم أكثر أنسنة لا تسيطر عليه الآلة، فيصبح الإنسان يدار بريموت هذه التقنيات التي ترسم له أحيانا غدا يخلصه من آلامه وحياته التي لا يجد لها حلا سوى الانغماس بلا وعي في حلول تضمن له الخلاص من الدنيا، وهم الذين سماهم خالص جلبي "الخلاصيون" حيث يريدون الخلاص من الدنيا فتتعدد السبل والمبررات للوصول إلى مرادهم وهم موجودون في بلجيكا وفرنسا وأميركا ولدينا، وفي كل أصقاع العالم.
من يشعل شرارة عودة الإنسانية إلى الإنسانية والعمل على تعزيز برامج الضمان الاجتماعي في العالم حتى يكون أكثر استقرارا وأكثر مكانا للعيش والتعايش لا الانتقام والكره وتبادل الحقد والاتهامات، حكومات فاسدة وشباب تائه وكون تجاوز سكانه سبعة مليارات نسمة، فلم يعد غذاء العالم كافيا حتى بالاستعانة بالمواد الكيماوية، ولم تعد أسعار الغذاء في تناول الجميع، ولم تعد مدارس الكون تتسع لأبنائه، وأصبحت في دول متقدمة مثار التندر والكوميديا، وأضحى الصغار صرعى لألعاب العنف الإلكترونية، وغذاء يزيدهم عنفا ومستقبلا موحشا بلا مأوى ولا وظيفة ولا ضمان صحي لهث وراءه رئيس أعظم دولة في العالم حتى يصير يكرر وعوده كرئيس عربي لا أحد يصدقه.
من يعلق الجرس لعالم أكثر أنسنة، كل نشرات الأخبار صارت تلاحق أخبار الحروب وأخبار النشرات المالية تزينها أرباح الشركات بالبلايين وملايين البشر الضائعين لا يحتاجون إلا إلى شيء من الإنسانية يعدل موازين هذا العالم.