طالع الصفحات الأولى والعناوين الرئيسة للصحف اليومية واستمع أو شاهد نشرات الأخبار التلفزيونية والإذاعية ستجد كل ما يغمك ويكبتك ويجلب لك التلبك السمعي والغشاوة البصرية.

حرك "الريموت كنترول" وستجد أن اليمن يتفتت بين الحوثيين والقاعدة والحراك الجنوبي، وأن كثيرا من الدول تعلق عمل سفاراتها في صنعاء، وأن رئيسها يفر من مقر احتجازه في صنعاء إلى عدن ليعلن من هناك: أنا الرئيس وكل إجراءات الحوثيين باطلة، ثم سيفجعك خبر عن توحش بشري تمارسه عصبة مشبوهة تتمدد بلا رادع وتجز رقاب البشر بدم بارد، كما تتسرب بعض التحليلات عن مخططات دولية لإعادة رسم الشرق الأوسط من جديد وبشكل مغاير عما هو قائم.

وربيع التشرذم العربي ما زال يتفاقم منصرفا إلى الدخول في نفق الحروب الأهلية التي تحرقها نار الطائفية أو القبلية كما هو الحال في سورية وليبيا واليمن، فيما لا زال وميض النار يخبو ويلتهب في بعض الدول العربية الأخرى، وفي المجمل فإن نشرات الأخبار وما تلفظه من بدايتها وحتى نهايتها مجرد أخبار تشيع في نفوس الناس القلق والمخاوف مما يحدث أو مما ينتظر حدوثه.

فهل على القنوات والإذاعات والصحف أن تبحث عن الأخبار الفرائحية وتبرزها عوضا عن أخبار الحروب والملاجئ والفقر، وهل الإعلام – فيما يقدم- يستجيب لرغبات المتلقين في نشره لهذه الأحداث أم إن الإعلام هو الذي يُسَيّر المتلقي ويبرمجه وفق ما يراه أبرز أولوية وأكثر أهمية.

وهل الأفضل تلافيا لنمطية نشرات الأخبار أن يتواصى الإعلام المرئي والمسموع والمقروء على ترك الأخبار السوداء والنبش الحثيث عن الأخبار التي تشيع التفاؤل وتنشر الأمل في المستقبل، ومن ذلك إمداد الناس بأخبار آخر الاكتشافات الطبية والاختراعات التي تسهم في تيسير الحياة وإسعاد البشر.

وهل يندثر الشر في العالم ويزدجر لو تم قلب الخريطة الإخبارية رأسا على عقب؟ لكن بالمقابل هل يتسق مع العقل والمنطق ومع المصلحة أن يتم إشغال الناس عما يدور من حولهم من أحداث ومآس؟، هذا بافتراض أن يتم إزاحة الخبر السياسي من صدارة نشرات الأخبار، وهل لدى العالم رصيد كاف من الأخبار المبهجة والسعيدة التي يمكن لها أن تملأ ساعات البث الفضائي المستمر؟.

لماذا يسيطر الخبر السياسي ويزيح كل الأخبار الثقافية والفنية والتنموية.

هل رجال السياسة هم نجوم الساحة الذين يتسقط الجمهور أخبارهم ويترصد حركاتهم وسكناتهم؟

وما حجم شعبيتهم بالمقارنة مع نجومية وشعبية نجوم الرياضة والسينما والطرب وكل مناحي الإبداع؟

لا أملك إجابة موثقة عن أسئلتي، لكنني أملك رغبة متوطنة في نفسي أن يتم إشاعة الخبر السعيد، فلا طاقة للمواطن العربي أن يتابع الساعة تلو الساعة أخبارا سوداء تبعث على الإحباط، وتشيع في الأوساط عقد الطائفية والكراهية والتنابز والخلاف بدلا من إشاعة التفاؤل والأمل في المستقبل، والسعي إلى مسايرة العالم المتقدم ومواكبتهم في التنمية وتكريس حقوق الإنسان.