كل من يشتكي من غرامات نظام (ساهر) المروري يمكن أن يقال له ببساطة متناهية: (لا تخالف تسلم)، لكن إذا كان هناك أخطاء في تطبيق النظام فإنه يتحتم على إدارة المرور معالجتها أولا بأول وإعفاء ضحايا هذه الأخطاء من العقوبات التي تعرضوا لها خطأ، لقد قرأت الكثير من الشكاوى التي دار معظمها حول ضخامة مبالغ المخالفات، والذين يعرضون هذه الشكاوى يضعونها في سياق من استدرار الشفقة المستند إلى تواضع أو ضعف دخل الكثيرين بل إن أحدهم قال بأن (ساهر) لم يبق له مصروفا لأطفاله، ومثل هذا الطرح يتعاطف معه كثيرون لأن مشاعرهم تتجه مباشرة إلى النتيجة وتغفل السبب، والنتيجة هي هذه الحال المزرية التي أصبحت عليها هذه الأسرة بسبب غرامات (ساهر)،أما السبب الذي كان يجب التركيز عليه وعدم القفز من فوقه فهو مخالفات رب هذه الأسرة المنتظمة فهو لو لم يخالف لما تعرض لهذه الغرامات الباهظة ولما اضطر للشكوى أصلا، ولعل مما ينبغي التوقف عنده في هذا الصدد ما قاله رئيس مجلس المسؤولية الاجتماعية بالغرفة التجارية في المدينة المنورة الذي قال: (إن استمرار تطبيق النظام بالأسلوب القائم في الوقت الحالي قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، وسيتضح ذلك في أوساط المجتمع من خلال تزايد معدلات الجريمة والفقر إضافة إلى بعض المشاكل الاجتماعية)، الأنصاري يشير إلى خلل في التطبيق،لكنه لم يوضح ما هو هذا الخلل الذي إذا استمر سيفضي إلى تزايد معدلات الجريمة والفقر، فهذه أول مرة أعرف فيها أن النظام والانضباط يؤدي إلى كوارث من هذا النوع.
إنني لا أدافع عن (ساهر) ولا أدعي له الكمال بل وأطالب الإدارة العامة للمرور أن تتجاوب بصورة سريعة مع ملاحظات الناس وشكاواهم من أخطاء التطبيق، والذي أظنه أو أفترضه أن لدى الإدارة العامة للمرور رقابة دقيقة على التطبيق، ومتخصصين يدرسون الواقع التطبيقي للنظام في الميدان مما يساهم بفعالية في تلافي الملاحظات ومعالجة الأخطاء بسرعة، لكنني في الوقت ذاته ضد تهويل آثار هذه الأخطاء لدرجة أن تصبح سببا في تزايد الجريمة والفقر، وليت الذين يروجون لمثل هذه الأقاويل والشائعات يقرؤون تلك الإحصائيات المكتوبة بالدم منذ سنوات طويلة حيث ضحايا حوادث السيارات في بلادنا أكثر من ضحايا الحروب والكوارث الطبيعية سنويا، وليتهم يقرؤون ما بشر به نظام (ساهر) من انخفاض نسبة الوفيات في الرياض بسبب الحوادث إلى 35% منذ بدء تطبيق النظام في العاصمة، وحينها سيجدون أن الغرامات مهما كانت ضخمة فإنها في النهاية أهون من إزهاق روح أو إعاقة إنسان مدى الحياة. دعونا نطالب المرور بمعالجة الأخطاء وتلافي الملاحظات، وندعم حزمه في تعميم وتطبيق النظام على الجميع . لقد قست بل أجرمت في حقنا حوادث المرور ولابد أن نقسو عليها حتى ترتدع.