نظمت جامعة جازان الملتقى الأول للإبداع وريادة الأعمال لأبناء وبنات الوطن برعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز، وشهد حفل افتتاح الملتقى حضورا كبيرا من المهتمين بهذا المجال من عدد من الجامعات السعودية، ومن القطاعات الأخرى المختلفة، ومن أعضاء هيئة التدريس والطلاب بالجامعة، وفي حفل الافتتاح الذي رعاه سمو أمير المنطقة كان هناك برنامج مميز ومختصر في الوقت نفسه، وتخلل الحفل تدشين سموه الكريم مختبر الفاب لاب بالجامعة الذي يتيح الفرصة للباحثين ورواد الأعمال من تنفيذ بعض تجاربهم به.

ومن خلال الاطلاع على عدد من مطبوعات ومطويات الملتقى يتضح حجم الجهد الذي بذل في سبيل ظهور فعالياته بالمستوى الذي يحقق تطلعات وطموحات جامعة جازان، وحقيقة الأمر أن التخطيط والتنفيذ لهذه الفعالية من قبل جامعة جازان ما هو إلا ترجمة حقيقية لاهتمام الجامعة بهذا الموضوع لإدراكها أهميته، ولحرصها على الاستفادة من التجارب المميزة في مجال الإبداع وريادة الأعمال سواء في مؤسسات التعليم العالي ممثلة في الجامعات، والكليات، أو المؤسسات والهيئات الأخرى التي لها خبرات في هذا الجانب، أو رواد ورائدات الأعمال الذين لهم تجارب ناجحة في مجال الإبداع وريادة الأعمال.

وقد شمل برنامج الملتقى سبع جلسات علمية مميزة، وتم اختيار محاور الملتقى بعناية، حيث شملت محور صناعة الفرص، ومحور الجامعات: طريق الريادة، ومحور الثبات على القمة: التحديات في علم ريادة الأعمال، وشارك في الجلسة الرئيسة للملتقى وكيل جامعة الملك عبدالعزيز للإبداع المعرفي وريادة الأعمال، ووكيل جامعة الملك سعود لتطوير الأعمال، ووكيل جامعة أم القرى للأعمال والإبداع المعرفي، وتم عرض تجارب هذه الجامعات في مجالات الملتقى، ويتضح مما عرض في هذه الجلسة أن هناك تفاوتا في تجارب هذه الجامعات إلا أنها ما زالت في بداية مشوارها في هذا المجال، ولديها تطلعات وأهداف طموحة تسعى إلى تحقيقها، وهنا أرى أن تستفيد الجامعات السعودية الأخرى من تجارب هذه الجامعات حتى وإن كانت حديثة، فلديها العديد من الإنجازات والخبرات التي ستوفر الجهد والمال والوقت على الجامعات الناشئة، كما شارك في فعاليات هذا الملتقى بعض المتخصصين من بعض القطاعات المختلفة، وبعض رواد ورائدات الأعمال للمشاركة بتجاربهم الناجحة في مجال الابتكار وريادة الأعمال، وعرض الخبرات المختلفة التي مروا بها حتى حققوا الأهداف المخطط لها.

ولكي تكون جامعاتنا ريادية فقد يتطلب ذلك منها أن تتضمن خططها الاستراتيجية أهدافا تحقق ريادة الأعمال، وتنمية مفاهيم الاقتصاد المعرفي، ويتطلب ذلك أيضا دعما معنويا وماديا من مديري الجامعات والمسؤولين عن هذا الجانب لتحقيق الوظيفة الرابعة للجامعات التي تركز على الإبداع، وريادة الأعمال بمفهومها الشامل، ولا يقف الحد عند ذلك، بل يتطلب أن تكون هناك خطة تنفيذية قصيرة المدى، وأخرى طويلة المدى من خلالها يتم العمل واكتساب الخبرات في مجالات الإبداع وريادة الأعمال، وهذا يتطلب أيضا من الجامعات التي لم تبدأ التفكير في مجال الإبداع وريادة الأعمال وصناعة الاقتصاد المعرفي أن تبدأ من اليوم، لأن هذه الوظيفة من أهم الوظائف للجامعات في المستقبل، ويجب أن تخرج من الدور التقليدي إلى الدور الحديث الذي يسهم في دعم منظومة الاقتصاد الوطني من خلال جعل الطلاب هم من يعملون على إيجاد فرص للعمل بدلا من البحث عنها، وبذلك يتم انخفاض مستويات البطالة.

وخلاصة القول فيما يتعلق بمتطلبات الجامعات الريادية يتلخص في الجوانب الرئيسة التالية: توفير بيئة حاضنة للإبداع والابتكار، وقيادة لديها الرغبة في الوصول إلى مصاف الجامعات الريادية، وتوفير الدعم المعنوي، والمادي، وقد يتطلب ذلك إنشاء وكالات بالجامعات لهذا الجانب، كما يتطلب الأمر نشر ثقافة ريادة الأعمال لدى طلاب وطالبات الجامعات، وجعلهم مصدرا لفرص العمل بدلا من باحثين عن عمل، والاستفادة من الخبرات والتجارب المميزة سواء في القطاع الخاص أو العام، على المستوى المحلي أو الإقليمي أو العالمي.

كما أن الحاجة إلى تكرار عقد مثل هذا الملتقى كل عام في جامعة أخرى سيكون له الأثر الإيجابي في نشر هذه الثقافة، وتبادل الخبرات فيما يتعلق بالإبداع وريادة الأعمال، وهنا أرى أنه إذا عملت الجامعات على تحقيق أهداف الريادة فسيتم تطوير دورها من التقليدي إلى الريادي.