التعامل مع الحقيقة عمل مجهد جدا، لكن ليس أمامك من حل آخر سوى أن تبدأ باكتشاف الحقيقة عن نفسك، الأمر المخيف هنا هو عندما يرفض الإنسان التعامل مع داخله رفضا باتا. إذا كيف يظهر التصالح مع النفس المنهكة وكيف يمكن لمبدأ "التسليم" أن يعالج كل شيء في الحياة؟ حسب مدرسة فلاديمير نجد أن نمط التفكير الذي يتعامل مع أي شيء على أساس "إن أراد أن يبقى فليبق، وإن أراد أن يذهب فليذهب" (أو مبدأ" التسليم") هو الذي يجب أن يرافقك في كل علاج تعالج به نفسك. فإذا كنت تتعامل مع أي نوع من الخوف أو الألم أو الأحاسيس المزعجة أو الظروف أو الأوضاع التي تنعكس على جسمك وفكرك بطريقة سلبية، فإن نمط التفكير هذا يزيل الصراع وكل رغبة في التخلص من الشيء الذي تتعامل معه، وبمساعدة هذا النمط من التفكير ستزيل منذ البداية أية مقاومة يمكن أن تظهر في داخلك، وستقبل هذا الشيء كجزء من نفسك.
إن الشيء الذي نقاومه يزداد قوة، والشيء الذي نريد إبعاده عنا يقترب منا، والشيء الذي نريد التخلص منه يكتسب قوة للاستمرار في الوجود، والشيء الذي نقرّبه يبتعد. يجب ألا ننسى هذا أبدا. هكذا نقوم بإزالة كل رغبة بالمقاومة والصراع والتجاهل.
لا شك أنك مررت بلحظات، كانت تهجرك فيها كلُ الهموم فجأة وكنت تستقر في استرخاء تام من الحريِة المطلقة وعدم فعل أي شيء. لحظات كهذه تباغتنا. تجعلك تتوقف وتبدأ برؤية العالم من حولك، وشدة اتحادك معه، وترى الأشخاص المسرعين إلى مكان ما، والطبيعة وغناء العصافير، وتمايل العشب وكلمات الأغنية. وتظن أحيانا أن تلك الأغنية أو الموسيقى هي التي تسببت بظهور هذه الحالة ولكنه وهم ناتج عن تواجدك في هذه الحالة. فأنت موجود ببساطة وتعيش اللحظة الراهنة. ففي لحظة كهذه ينتشر في جسمك شعور بالغبطة والاتحاد مع العالم والهدوء المطلق والانسجام، فتحلق خارج وداخل الآن، ويغمرك الهدوء والسكينة والغبطة. ولهذا كل ما نرغب به نخسره وكل ما نرفضه نحصل عليه. لماذا؟ لنتذكر أن قوة الفعل مساوية لقوة رد الفعل، فبمقدار القوة التي تضغط بها على الجدار يضغط الجدار عليك، فيعيد إليك قوتك ذاتها. احفظ ذلك جيدا.
انظر إلى العالم والناس وتعرَف على نفسك. انظر في أعماق نفسك وتعرف على مبدأ التسليم والمقاومة. ربما بالتقبل يمسي الفرح والحزن مجرد حالات شعورية ونمسي نحن مجرد نهر جار يمر بالحزن والفرح ومن ثم يمضي دونما توقف.