ربما من الممكن أن نقبل بـ"عاطل" لا يحمل أي مؤهل، لكن المصيبة أن جامعاتنا تبحث عن أعضاء هيئة تدريس لمواد نظرية لها في الدول العربية، بينما كل يوم يدخل طالب دراسات عليا قائمة "البطالة"!
شاب -هو مثال لقصص متعددة- جاء من أميركا بعدما ابتعثته الدولة ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، يحمل شهادة عليا "دكتوراه أو ماجستير" ثم لا يجد من يقبل ملفه من جامعاتنا، ويتقدم إلى جامعة منطقته فترفضه إدارة الجامعة بحجة عدم الحاجة إلى تخصصه، بينما في اليوم التالي تتعاقد معه الشركة التي تدير السنة التحضيرية في ذات الجامعة ليسد العجز ويدرس طلاب الجامعة ذاتها، ثم يتفاجأ أن زملاءه في القسم من غير السعوديين.
ولا تقف المصيبة هنا، لأن الجامعة ذاتها بعد أيام أعلنت عن حاجتها إلى أعضاء هيئة تدريس ولم تدرج تخصصه ضمنها!
تناقض عجيب. جامعاتنا تتجه هذه الأيام إلى المغرب لاستقدام أعضاء هيئة تدريس في تخصصات "تاريخ، ودراسات إسلامية، ولغة عربية..." ولا تشترط عليهم إلا شرطين فقط، بينما إعلان جامعة سعودية لتوظيف السعوديين يعرقلهم بـ8 شروط!
كنت وما زلت أكرر أن كثيرا من مديري الجامعات يزين كتفيه بـ"البشت" كل عام ليقف في حفل تخريج آلاف الطلاب، ويقول بفخر: "نزف شباب الوطن إلى سوق العمل"، ثم ينزع "البشت" ويضعه في حقيبة السفر ليركب الطائرة هو أو من ينوب عنه بحثا عن أساتذة لجامعته من الخارج، ثم يغضب من الإعلام حين يقول إن هذه الجامعة أو تلك "عالة" على الوطن!
العام قبل الماضي انكشف المستور، وعلمنا أن وزارة العمل التي تدعي أنها تسعى إلى توطين وظائف القطاع الخاص، منحت الجامعات السعودية 10 آلاف تأشيرة لاستقدام أعضاء هيئة تدريس بينما لدينا أضخم مشروع للابتعاث في العالم!
وفي ذلك الوقت أبلغت وزارة التعليم العالي مديري الجامعات أن ديوان المراقبة العامة رصد استعانة جامعاتهم بالأجانب وتجاهلها للمبتعثين!
مرت سنة، ومرت ثانية، ولا تزال الجامعات تعاند وتقسو في إجراءات توظيف أبناء وبنات الوطن، ثم تركض إلى الخارج تبحث عن أساتذة لتدريس طلابها!
(بين قوسين)
مدير جامعة "ما"، أمضى فترة إدارته "الأولى" بلا أي إنجاز، إلا مباني متعثرة ومستأجرة، ماذا تتوقعون أن ينجز في الفترة الثانية؟