عندما نتحدث عن المال العام والشفافية في صرفه فنحن -معاذ الله- لا نتهم أحدا، ولو لم يكن هناك فساد في التعاطي مع المال العام لما توافدت ملايين الريالات على حساب إبراء الذمة الذي خصصته الدولة لأصحاب الضمائر التي تستيقظ متأخرة، لتعيد ما أخذته بدون وجه حق بطريقة تعتمد على مبدأ، ليس المهم من أنت؟ ولكن المهم أن تعيد ما أخذته. الملايين التي أُودعت في حسابات الأندية الأدبية هي من المال العام الذي ضخته الدولة بسخاء لدعم المؤسسات الثقافية والاجتماعية لتكون فاعلة في المجتمع لإنشاء مشاريع استثمارية تكفل استمرار تدفق المال على هذه المؤسسات، أو على الأقل لتصرف على تجهيز البنية التحتية لهذه المؤسسات ومن أهمها المقرات المناسبة لأنشطتها.
هناك بعض مجالس الأندية الأدبية استبشرت بالدعم الملكي السخي لاستكمال مشاريع مقراتها ومبانيها الجديدة التي بدأتها فور تسلمها الدعم المالي السابق، وهناك مجالس أخرى لا تزال حائرة في كيفية صرف المبلغ الذي سيضاف إلى الرصيد السابق الذي لم يستثمر إلى الآن رغم مرور 4 سنوات على صرفه. ولتعزيز مبدأ الشفافية تبرز الحاجة إلى تدخل الجهات الرقابية الرسمية المعنية بمراقبة صرف المال العام لمراقبة الأداء وخاصة أن حسابات بعض الأندية تضخمت ولم تظهر للعيان أي استفادة من الدعم السابق سوى ما صرف ببذخ على بعض الأنشطة الثقافية النمطية التي لا تستحق كل هذه الأرقام.
ينبغي أن تكون الرقابة من جهة رسمية ذات اختصاص طالما أن الدولة هي التي تضخ الأموال للأندية، ورقابة الجهة المختصة -في نظري- لا تتعارض مع استقلاليتها إذا علمنا أن الجمعيات العمومية تجتمع كل عام مرة واحدة ويُعرض عليها تقرير مجلس الإدارة المالي الذي هو عبارة عن أرقام وجداول، وبالتالي هي غير مؤهلة لكشف تفاصيل سير المعاملات المالية في الأندية، فهي تعاني أولا من تقلص أعضائها إلى أقل من 10% في كثير من الأندية، ثم إنه ليس لها إلا الظاهر من الأرقام المعلنة على شاشة العرض التي تُعرض أثناء الاجتماع السنوي وينتهي الأمر بالتصويت على التقرير بالأغلبية ووجبة عشاء دسمة!