لم يكن حديثا عاديا ذلك الذي أطلقه رئيس بعثة المنتخب السعودي إلى أستراليا الدكتور خالد المرزوقي، حينما قال إن هناك مؤامرة تم ترتيبها ضد أحد لاعبي المنتخب؟، ولم تجد دعوة نائب رئيس الهلال محمد الحميدان جماهير ناديه بالاعتداء على جماهير المنافسين وتأكيده على ذلك بشتيمة لا يليق ذكرها في هذا المقام إلا تعبيرا عن السقوط المهين للعمل الرياضي السعودي من خلال مسيريه الفاعلين.
ولم تكن صورة لاعب النصر شراحيلي على غلاف إحدى الصحف وهو يضع على رقبته سكينا بوضع القطع، إلا اعترافا بأن الأمر التنافسي السعودي قد خرج عن عقاله، وبات أكثر خطرا على منسوبيه وجماهيره تعاملا وفكرا، وأخيرا وليس آخرا تهديد رئيس النصر لرئيس اتحاد الكرة.
في المجتمع الكروي السعودي أصبحت الضغينة وتمني السوء للآخر شأنا يفتخر به البعض، بل إنها أصبحت منهجا يعتد به ويدخل في إطار التفاخر، بل إن الأمر تجاوز ذلك حين رآها البعض عقيدة يجب أن تدخل ضمن التنافس القائم، ولا بأس إن عممها بين جماهير ناديه، أو عبر وسائل الإعلام، ويا لسهولة الأخير في ظل وجود بعض إعلام معني بمغفلين مدججين بالألفاظ السوقية وساقط القول.
لن ننفك من الأسئلة وتلك التصرفات الرعناء تلاحقنا وتحاصرنا، حتى أصبحنا نجزم أنها ستفسد عقول أبنائنا بعدما أخذت مسارها الوقح في لعبتنا الشعبية الأولى.
هنا لن ندعي أن الوسط الكروي السعودي وحتى وقت قريب كان يتكون من أفراد أقرب إلى الملائكة، وأن التآلف والرقي التعاملي حاضران دائما بينهم، لكنه حقيقة لم يكن كذلك، كان البعض متشنجا متعصبا كل لفريقه، لكن لم تصل مفردات الوقاحة ولا المؤامرات والصور المنفرة إلى كيانه، ولا يجرؤ أحد أن يضعها ضمن أجندته، ليس لأن هناك خوفا وترددا، بل لأن الكل يؤمن أن الأمور لا تصل إلى مثل ذلك مهما بلغ حب النادي ورفض المنافس.
قسوة الاختلاف وشدة التعصب واتساع دائرته في زمننا الجاري صنعت برامج تلفزيونية موجهة ومقالات متشنجة أوغلت الصدور وثبتت التكاره، وزادت من لغة التشاتم والتنابز ليكون الأساس في العمل الرفض والعدائية، ولا بأس من الإعلان المباشر عن التآمر على الآخر. كيف لا يفعل؟! والكراهية أصبحت مبدأ يأتي ضمن جدول الأعمال والالتزامات كما التعاقدات والبحث البطولي، وكأنها أصبحت من الثوابت التي لا تمس، أو حتى تناقش، فضلا عن أنها باتت فلسفة لا بد من العمل بها كي تتحقق الإنجازات!
الوضع الكروي السعودي خطير جدا، فمن استسهل وتجاوز المؤشرات الخطرة التي ذكرناها أعلاه ولم يقف عندها، عليه أن يتحمل النتيجة. فما يحدث ليس مؤشرا على انحدار تنافسي ميداني فقط، بل سقوط أخلاقي مريع قد يفضي إلى ما لا يحمد عقباه، ولن نذكر بما حدث في بورسعيد المصرية، لا سيما وأن الجميع يعلم أن سببها الأوحد لغة البغضاء والتنافر التي سبقتها، والتأجيج الإعلامي الذي دعا إلى التباغض واحتقار الآخر، وكانت الجماهير البسيطة هي الحطب الذي احترق جراء ذلك.