تخيل أن يهدي إليك شخص عزيز عليك هدية عبارة عن جهاز "آي فون" ويرسلها عبر البريد، فيقوم "ساعي البريد" بإيصالها إليك، ولكن عند باب منزلك يفتح الهدية ويأخذ الشاحن والسماعة، ويتعذر بأن المرسل قال له: الهدية عبارة عن جهاز "آي فون"، فتحاول إقناعه بخطئه فيتفلسف عليك بأن خطاب الهدية لم يتضمن ملحقات الجهاز!

هذه ليست تخيلات، بل واقعية، وهذا بالضبط ما فعلته وزارة المالية في تعاملها مع المكرمة الملكية التي نصت على "صرف راتب شهرين أساسيين لجميع موظفي الدولة السعوديين من مدنيين وعسكريين". فوزارة المالية وجهت تعميما عاجلا لتفسير المكرمة الملكية رغم أن نص المكرمة واضح ولا يحتاج توضيحا من وزارة المالية، فقط كان يحتاج إلى سرعة الصرف، لكن "المالية" صرفت الكثير من التعاميم التوضيحية!

وزارة المالية بتفسيرها للمكرمة الملكية أكدت أن صرف المكرمة "يشمل جميع موظفي ومتعاقدي الدولة السعوديين بما فيهم المجازين نظاميا "استثنائيا، أو أمومة، أو مرضية.. إلخ"، وحين جاءت عند المبتعثين الموظفين قالت: "يعامل الموظفون المبتعثون معاملة الطلبة ويصرف لهم مكافأة شهرين فقط ويراعى عدم ازدواجية الصرف مقابل ما يتم صرفه لهم بالداخل"!

طبعا بهذا التفسير احتارت الجامعات والملحقيات، فبعض الجامعات ترفض صرف راتب شهرين لموظفيها المبتعثين، رغم أنه يخصم منه 59% ولا يأخذ إلا 41%، وتستند بذلك إلى تعميم وزارة المالية، والملحقيات ترفض الصرف لمرافقي المبتعثين؛ وتستند بذلك إلى أن تعميم وزارة المالية لم ينص على صرف مكافأة شهرين للمرافقين!

هنا وزارة المالية تظلم - بتفسيرها - المبتعثين من الموظفين، لأنها تعاملهم معاملة الطلبة بينما يفترض أن تعاملهم معاملة الموظفين، وتزيد الظلم عليهم فتحرم مرافقيهم من المكرمة الملكية، وبهذا التفسير غير المقنع يحرم الموظف المبتعث من مكرمة ملكية وهو في أمس الحاجة إليها في الغربة.

الغريب أن تتعب وزارة المالية نفسها في تفسير أمر ملكي واضح من سطر واحد فتشرحه بـ22 سطرا، بينما كان الأمر الملكي واضحا كعين الشمس: "صرف راتب شهرين أساسيين لجميع موظفي الدولة". انتهى..!

(بين قوسين)

إذا كانت الأوامر الملكية شملت حتى السجناء فسددت الدولة عنهم ديونهم وأخرجتهم من السجون، فلماذا لا تشمل مرافقي المبتعثين، الحقيقة أنها تشمل، لكن تفسير المسؤول حرمهم!