أكد مسؤولون وخبراء سعوديون وأجانب أن السعودية تعيش أطول فترة انتعاش اقتصادي في تاريخها، وهو العهد الذي تولى فيه الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله -، مؤكدين أن بيانات المؤسسات الدولية، كصندوق النقد الدولي ومجموعة العشرين، تضع الاقتصاد السعودي ضمن أفضل اقتصادات العالم أداء خلال السنوات العشر الأخيرة.
وقال عدد من المسؤولين السعوديين المشاركين في تدشين أعمال مؤتمر يورموني السعودية 2014 الذي انطلق أمس في الرياض، إن متوسط معدل النمو الاقتصادي الحقيقي يبلغ خلال هذه الطفرة التي تمتد لنحو عشر سنوات يبلغ 6.5 في المئة سنويا، وهو أكثر من ثلاثة أضعاف متوسط معدل النمو الذي تحقق في العقدين السابقين.
وكشف الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودي، عن رضا صندوق النقد الدولي عن الأداء الاقتصادي في بلاده، مبينا أنه حقق خلال العام الماضي نموا حقيقيا يقارب 3.8 في المئة. ووفق العساف، فإن ذلك تحقق رغم انخفاض النمو في القطاع النفطي، ودعم الإنفاق الحكومي معدلات النمو في الاقتصاد غير النفطي مصحوبا بالأداء الجيد للقطاع الخاص الذي نما بمعدل 5.5 في المئة. ولفت إلى أن هذه الأوضاع الإيجابية نتاج طبيعي لثمرة السياسات والإصلاحات الاقتصادية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
وأوضح أن صندوق النقد الدولي منح صفة الأفضلية لأداء الاقتصاد في السعودية لعام 2013 من بين مجموعة العشرين في الأعوام الأخيرة في ظل إيجابية الآفاق المنتظرة للاقتصاد، حيث توقع الصندوق نمو الاقتصاد السعودي بمعدل يبلغ 4.1 في المئة هذا العام و4.2 في المئة عام 2015.
ولفت العساف في كلمته الافتتاحية لمؤتمر يورموني السعودية 2014 الذي انطلق أمس في الرياض، إلى أن إدارة صندوق النقد الدولي أقرت بحسن التدابير التي اتخذتها الحكومة لتعزيز إدارة المالية العامة، وبالخطوات المستمرة لتدعيم التطور المالي وتعزيز التنظيم والرقابة الماليين في السعودية.
وقال: إن مناقشات اجتماعات مجموعة العشرين واجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين المنعقدة أخيرا في واشنطن، أبرزت مدى الحاجة إلى مواصلة اتخاذ السياسات الاقتصادية الداعمة إلى تعزيز التعافي المتوازن والمستمر.
وأكد العساف التزام دول مجموعة العشرين بتبني استراتيجيات لتعزيز النمو الاقتصادي بالتركيز على الإصلاحات في مجالات التوظيف والاستثمار والمنافسة والتجارة.
ووفق الوزير السعودي، فإن الهدف من ذلك رفع معدلات النمو العالمي بواقع اثنين في المئة خلال السنوات الخمس المقبلة، للتأكيد على التزام المجتمع الدولي بالعمل بشكل مشترك للمحافظة على المكاسب التي تحققت خلال السنوات الأخيرة.
وأوضح أن السعودية عرضت استراتيجيتها للنمو على اجتماعات فريق العمل المعني بالنمو في مجموعة العشرين، مبينا أن هذه الاستراتيجية المستندة إلى توجهات خطة التنمية تركز على مواصلة العمل لتعزيز الاستثمار في قطاعات البنية التحتية والتعليم والصحة. كما تفعل الاستراتيجية، والحديث للعساف، دور القطاع الخاص والشراكة بين القطاعين العام والخاص، من أجل مزيد من التنويع في الاقتصاد وإيجاد فرص العمل وتحسين إنتاجية الاقتصاد وتنافسيته، في ظل استقرار البيئة المالية والنقدية. ويعتقد أن تلك السياسات الاقتصادية الهادفة لتحقيق الاستقرار المالي والنقدي وتحسين مناخ الأعمال، انعكست على متانة الاقتصاد وقوته والملاءة المالية للسعودية، فرفعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، أخيرا، التصنيف السيادي للمملكة من - AA إلى AA مع نظرة مستقبلية مستقرة. واستعرض العساف أبرز التطورات في الاقتصاد السعودي، ومنها الموافقة على نظام المرافعات، وتنظيم هيئة النقل العام، والمضي قدما في تنفيذ مشاريع النقل العام، بما في ذلك توقيع أكبر عقد من نوعه للنقل العام في الرياض كمشروع واحد متكامل.
ونوه بمشروع وعد الشمال التعديني، وهيئة تقويم التعليم العام، وإصدار مؤسسة النقد العربي السعودي تراخيص لممارسة أنشطة التمويل العقاري والإيجار التمويلي.
كذلك إقفال هيئة الطيران المدني بنجاح إصدارها الثاني من الصكوك بقيمة تجاوزت 15 مليار ريال (أربعة مليارات دولار) لتمويل مشروعي مطاري الملك عبدالعزيز بجدة والملك خالد بالرياض الدوليين.
ولفت وزير المالية السعودية إلى تبني مجموعة من المبادرات في سوق العمل ودعمها ببرامج التدريب والتأهيل لرفع الإنتاجية وتلبية حاجات سوق العمل. وأوضح أن موازنة هذا العام ركزت على المشاريع التنموية لقطاعات التعليم والصحة والخدمات الأمنية والاجتماعية والمياه والطرق والخدمات الإلكترونية ودعم البحث العلمي، مشيرا إلى أنها طرحت خلال العام الماضي نحو 2330 عقدا تبلغ قيمتها الإجمالية ما يقارب 157 مليار ريال (41.8 مليار دولار).
كما واصلت الصناديق الحكومية المتخصصة توفير الائتمان في سياق تنفيذ سياسة الشراكة بين القطاعين العام والخاص التي يتطلع إلى أن تسهم في مزيد من تعزيز دور القطاع الخاص، خاصة في توليد فرص العمل للمواطنين. وتطرق إلى أهمية الإسكان في منظومة تحسين مستوى معيشة السكان، مؤكدا أنه حظي باهتمام مستحق في السياسة الحكومية، متوقعا أن تسهم اللوائح التنفيذية لمنظومة التمويل العقاري في تعزيز التمويل المستدام لهذا القطاع بإيجاد الإطار المؤسسي اللازم لتشجيع المصارف وشركات التمويل لتقديم التمويل للمواطنين وشركات التطوير العقاري. ومن شأن ذلك، وفق العساف، تحفيز نمو القطاع والاقتصاد المحلي في ظل ما حظي به قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة من دعم كبير، لافتا إلى أن البنك السعودي للتسليف والادخار يبذل جهودا كبيرة في التنسيق وتوفير التمويل للقطاع الحيوي والمصدر المهم للتوظيف، فيما يسهم برنامج كفالة الذي يديره صندوق التنمية الصناعية السعودي بدور ملحوظ في توفير التمويل بالتعاون مع البنوك التجارية. وعلى صعيد الاقتصاد العالمي قال العساف: نشهد تعافيا آخذا في التوسع ليشمل نطاقا أكبر من الدول المتقدمة رغم تحديات تحول السياسة النقدية في تلك الدول، خاصة في أميركا، من منهج التيسير الكمي غير التقليدي لحفز الاقتصاد إلى تبني منهج تقليدي بما يمثله من تحد، خصوصا لاقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.
الإسكان.. خطوة رائدة سجلت باسمه
وفي هذا الإطار، توقع الدكتور شويش الضويحي، وزير الإسكان، زيادة كبيرة في نمو القطاع في السعودية في ظل الدعم السخي من الدولة لسد الفجوة الإسكانية ولمواجهة التنامي المستمر في الطلب. وكشف الضويحي عن الانتهاء من إعداد الاستراتيجية الوطنية للإسكان التي حصرت وحللت مختلف التحديات واقترحت الحلول، إلى جانب الانتهاء من إعداد تنظيم الدعم السكني، مشيرا إلى أنه فتح باب التقديم للمواطنين عبر منصة إلكترونية على شبكة الإنترنت التي أطلقت في موعدها المحدد. وقال: سيجري بعد يومين البدء بمعالجة البيانات والتحقق آليا، ليجري بعدها إعلان أسماء المستحقين وتوزيع منتجات الإسكان، إضافة إلى الانتهاء من بعض مشاريع الإسكان في عدد من مناطق السعودية، وجار استكمال كثير من المشاريع. وأكد أنه بالتوازي مع هذه البرامج ولكي تكون المعالجة شاملة، أطلقت أيضا البوابة الإلكترونية لخدمات الإيجار بهدف تنظيم قطاع إيجار المساكن عبر الخدمات التي توفرها لكل من المؤجر والمستأجر والوسيط العقاري. وينفذ ذلك، وفق الضويحي، من خلال خدمات غير مسبوقة على حد تعبيره، كالتدقيق الإلكتروني لعقود الإيجار، والسداد الإلكتروني، وتطبيق الهواتف الذكية الذي يمكن من خلاله عرض الوحدات المعدة للإيجار، مشيرا إلى أنه لم يبق سوى خطوة وهي إلزام المكاتب العقارية باستخدام الشبكة في عمليات الإيجار. ولفت إلى أن الوزارة انتهت من إعداد إطار الشراكة، ووضعت المعايير اللازمة لتقييم المطورين العقاريين من مختلف النواحي التنظيمية والتنفيذية والتمويلية والتسويقية، حيث تنفذ برنامج الشراكة، مبينا أن أولى خطواته تأهيل الراغبين في الشراكة لبناء عمارات سكنية على أراضي الوزارة وتسويقها للمواطنين المستحقين للدعم السكني. من جهته، قال الدكتور محمد الجاسر، وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي: إن جهود وضع السياسات الاقتصادية في المملكة ركزت على تعزيز إنتاجية القوى العاملة ورفع إنتاجية مختلف قطاعات الاقتصاد على وجه العموم، لبناء أساس راسخ لاقتصاد قائم على المعرفة. وقال الجاسر: إن خطة التنمية العاشرة تهدف إلى التحول لمجتمع المعرفة وتعزيز قدرات المؤسسات العلمية والتقنية والابتكارية وتوسيعها والارتقاء بمستوى التنسيق والتعاون الفاعل بين أنشطتها، إضافة إلى زيادة المحتوى المعرفي والتقني لدى المجتمع، وتحويل مخرجات البحث والتطوير إلى منتجات وخدمات ذات قيمة مضافة عالية.
وتوقع وزير الاقتصاد والتخطيط أن يسهم ذلك في التحول إلى الاقتصاد القائم على المعرفة، الذي سيعمل على تحقيق النمو الاقتصادي وزيادة الثروة، على حد تعبيره.
وبين أن متوسط معدل النمو الاقتصادي الحقيقي يبلغ خلال هذه الطفرة 6.5 في المئة سنويا، وبرأيه أكثر من ثلاثة أضعاف متوسط معدل النمو الذي تحقق في العقدين السابقين.