قال المفتي العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ إن البعد عن الكتاب والسنة والاغترار بالأهواء الضالة خطر عظيم، محذرا من دعاة الضلال والفساد، وإن تسموا باسم الإسلام، موجها وصيته إلى الخطباء بأن تكون خطبهم نافعة ومفيدة ومؤثرة، وألا يبالي الخطيب بما يقوله الناس فيه وألا يغتر بذلك.

جاء ذلك في كلمة ألقاها المفتي بعد ندوة الخميس في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض، التي ألقى خلالها وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون المساجد الدكتور توفيق السديري محاضرة بعنوان "واجب الدعاة والخطباء في الفتن والنوازل".

وحذر آل الشيخ الخطباء من اتخاذ الخطابة طريقا للشهرة، فيقال شجاع وجريء وصريح، فالخطبة ليست صراعا وقتالا بل عبادة يتقرب بها الخطيب إلى الله، مؤكدا أنه ليس من واجب الخطيب أن يتحدث في الخطبة عن كل حدث، بل هو مطالب بالمواضيع النافعة المركزة من دون إطالة ولا إثقال. وأشاد المفتي بما أورده السديري في محاضرته النافعة، حاثا على العناية بمضمونه وبثه ونشره لما فيه من الوصايا النافعة للدعاة والخطباء، لا سيما في زمن الفتن.

وكان السديري تحدث في محاضرته عن عدد من التوجيهات والوصايا المهمة للأئمة والخطباء والدعاة، مؤكدا ما هم فيه من نعمة من الله، وأن عليهم خدمة المساجد وتعليم روادها وقاصديها وتدريسهم، مؤكدا لهم أنهم دعاة الحق وصفوة الخلق، إذ إن عملهم مرتبط بالمساجد التي أضافها الله تعالى إلى نفسه إضافة تشريف. وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم، دعا إلى الأئمة بالرشد لأهمية دورهم وتأثيرهم في المجتمع الإسلامي بقوله صلى الله عليه وسلم "اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين".

واستطرد الدكتور السديري في بيان الفتنة والوجه الشرعي للتعامل معها، مؤكدا عظم أمانة ومسؤولية الداعية والإمام والخطيب، إذ إن استخدام هذه الوظائف الدينية في غير الوجه الشرعي وتوظيفها السيئ هو خدمة عظمى لأعداء الأمة، وبرهان ذلك مقتل إمام المسلمين الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، الذي أثيرت الفتنة ضده من المسجد واستغل فيها أرباب الفتنة وسيلة الخطابة، وتم توظيف المسجد والمنبر في ذلك، خلاف الوجه الشرعي المراد منهما، فنتج من ذلك مقتل إمام المسلمين وتفرق الأمة.

وأضاف أن المنبر والمسجد ليسا نشرة أخبار يستعرض فيها الأحداث بل عبادة شرعية لها ضوابط معلومة وعليها واجب كبير في محاربة الغلو والتكفير وتوجيه الناس الوجهة الشرعية الصحيحة نحو أمرائهم وعلمائهم وتحذيرهم من الأحزاب والجماعات والانتماء إلى التنظيمات. وأكد على الخطباء ألا تكون نظرتهم إلى المجتمع نظرة سوداوية، وإن كان أولئك منهم قلة. وختم السديري محاضرته بقوله: أيها الدعاة والأئمة والخطباء: أنتم خط الدفاع الأول عن الدين ثم الوطن، وعليكم واجب شرعي تأثمون بتركه. وأضاف قائلا: لنصارح أنفسنا فلا مكان بيننا اليوم للمجامل أو المتخاذل أو المتحزب وصاحب الهوى. وتساءل: ماذا قدمت الجمعيات الخيرية والمكاتب الدعوية لدرء الفتن؟

وقال السديري: لا بد أن يكون للمسجد والمكتبة والدرس والمحاضرة والخطبة والمكتب التعاوني والجمعية الخيرية وحلقات التحفيظ دور في صيانة كيان هذا الوطن المبارك وحفظ أمنه ومقدساته وتعزيز اللحمة الوطنية لدى أفراده.