المطلع على ما يطرح اليوم في بعض القنوات التلفزيونية العربية المتناثرة في الفضاء يلاحظ أن أراجوزات قد اقتحمت بعض الفضائيات، وباتت تتداول جرأة كاذبة الهدف منها متابعون أكثر، فبعض مقدمي البرامج العرب حينما يتحدث إلى مشاهديه يعتقد أنه يتربع على كرسي مرتفع في مرقص ليلي من فرط سوء الألفاظ وانحدار العبارات.

وكأن نشوة المكان قد أخذت به كي يكون الحاكم بأمره، والمقرر لكل ما هو محل جدل، وتراه يقرر ويؤكد أن تلك هي الحقيقة، وكل من يقول غير ما يراه هو، عليه أن يراجع نفسه، لأنه هو من يملك الحقيقة فقط!.

مشكلة المنظرين أنهم باتوا الأكثر حضورا على كثير من القنوات العربية، وبات الأمر "توك شو"، فقط افتح فمك واهذر لعل في أمرك متسعا من لفت انتباه، والمشكل أن عملية الهذر لا تتوقف أبدا، ويكفي أن نشير إلى أن في مصر ولبنان من القنوات التي تعتمد فقط على هذر مذيعها الكثير.

يجلس متربعا على كرسي أمام الكاميرا. يصرخ وينادي ويشتم ومن ثم يحلف بالله وأحيانا يبكي.

يقررون الحلول لكل الأزمات التي تحيط بالعالم العربي، ويصفون من يخالفهم بالخائن، أو حتى الغبي. يتوقعون الحوادث حتى قبل أن تنشأ مرتكزاتها ومقوماتها، وكأنهم علماء ميتافيزيقيون وأحيانا منجمون ومحضّرو جن!

بعض مقدمي البرامج من شدة الصراخ تعتقد أحيانا أن عينيه ستسقطان، وهو يردد "هذا كلام أنا متأكد منه وأنا مسؤول عما أقول". في أحاديث "خنفشارية" تبنى على توقعات أو استقيت من رعاع مواقع التواصل الاجتماعي، كل ما في الأمر أن هناك تأويلا مريضا يخلط بين التوقع والاستعراض المجاني، والهدف منه شحن البسطاء حتى يصابوا بالغثيان الدماغي، لينقادوا من فرط نشوة المذيع ومن كثرة ما أقسم على صدق ما يقول أو شتم ولعن.

المشكلة الأكبر أنهم يعلفون ويلوكون مثل ذلك على مدار الساعة. يحللون كل شيء، ويا لكمية الكذب التي تحضر من نوعية "اتصل بي مسؤول كبير"، أو "قال لي وزير.. ما يحبش أذكر اسمه".

ويؤكدها بأنه فهم منه أن هناك شيء سيحدث. وأحدهم من فرط سماجته أعلن عبر برنامجه الصراخي أنه أدرك أن قطر وفور وفاة الملك عبدالله ستفك ارتباطها مع مصر، وستعمل كل ما من شأنه زعزعتها! وآخر قرر وحسب معلوماته أن سياسة السعودية ستتغير مع مصر ويا لكبر هذا الكلام! لكننا نهدأ لمعرفتنا بتفاهة هذه الأقوال، وعدم إدراك أصحابها أن ما تم مشروع دول وليس أفرادا.

الحراج الدائر في كثير من الفضائيات العربية والمبني على الافتراضات والتوقعات، أصبح الموضة التي تضيف مشاهدين كثر، ولا بأس إن زُيّن ببعض الانفعالات والبكائيات، وقليل من الشتائم التي تتناسب مع مشهد الملهى الفضائي.