شاركت في "الحوار الوطني" الذي أقيم بمدينة أبها الخميس الماضي، وكنت قد تابعت الحوارات الماضية، وعندي تصور سلبي عن منتج هذا المشهد وازدادت قناعتي أن حواراتنا تكتسي صبغة الخطابة المنبرية في دهاليز مدينة الكلام.

كان التنظيم والاستقبال وإدارة الحوار على درجة عالية من الجودة والحرفية، وكانت الأفكار المطروحة من المشاركين رائعة للغاية، لكن ما هي المحصلة؟ حوار في قاعات مغلقة ومحاولات جادة لرتق الثقوب والعيوب التي يزرعها التطرف في حياتنا الآمنة المطمئنة، وأشرت في الجلسة إلى تتابع هذه الحوارات في مدن الكلام، وتساءلت عن الهدف ومدى تحقيقه، وقلت إن أهم هدف لهذه الحوارات الوصول لموغري صدور أبنائنا "موقظي الفتنة النائمة"، وتطويق الشباب وهم يشكلون 60% من توليفة الوطن بالوسطية، ومن المهم أن يكون لوزارة التعليم والرئاسة العامة لرعاية الشباب دور بنائي جاد للتحصين ومترسة العقل قبل التربية والتعليم، كان رد الدكتور فيصل السلطان متناغما مع ما ذهبت إليه، وأشار إلى تعدد اللقاءات الشبابية ومحاولة انتشالهم من مخاطر "التطرف" بينما علق الشيخ عبدالله المطلق مشيرا إلى أن مهمة هذه الحوارات رصد الآراء السديدة وتقديمها لولي الأمر وصناع القرار للاستفادة منها.

أنا لا أختلف مع القامات التي أدارت الحوار والتي طرحت الآراء وإنما أركز على أهمية تغيير الآلية من أجل الوصول إلى منتجي التطرف ونشر ثقافة الوسطية، وبدون محاصرة خفافيش الظلام يستمر حوار القاعات المغلقة بدون جدوى ومجرد حديث "طرشان" يدور في أفلاك التنظير الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.. مداراتنا الحوارية قديمة جدا ومنطق "المشعاب" والكي أكثر جدوى من سرمدية "مدن الكلام" وحديث لا يتجاوز الحناجر.. وفق الله المخلصين وحفظ بلادنا من كل سوء.