رغم كل الحديث عن تورط فنانين ومصورين ومخرجين من جنسيات مختلفة أوروبية وعربية في إنتاج الأفلام الداعشية التي توثق لجرائم هذه الشرذمة من البشر، إلا أن هذا يتنافى مع حقيقة مهمة وثابتة، تقول إن الفنان لا يقتل ولا يشارك في جريمة قتل، هو فقط يجسد صورة معينة، ليست بالضرورة واقعا معاشا، لذلك ستكون هذه الأفلام أقرب إلى الدراما منها إلى الحقيقة والوثائقية.

وسواء كانت دراما أم واقعا، هي في حقيقتها أفلام تافهة ورخيصة طالما أنها ترتكز على فكر دموي موجه وتستهدف توسيع دائرة العداء والأحقاد بين البشر والأديان. رخيصة لأنها تقدم الإنسان الذي كرمه الله في أبشع صورة وأضعف حالاته، سواء كان أمام الكاميرا أم خلفها.

ولأن الفن جاء ليعطي الإنسان قيمة مضافة ويمنحه قوة التفكير الإبداعي كمرسل، والمتعة كمتلقٍّ وهو ما ينتفي في أفلام داعش، سيكون هذا الإنتاج بلا أي قيمة فنية ولا حتى بطيخية، وسيلفظه التاريخ وتتبرأ منه الذاكرة البشرية وتلعنه الملائكة والشياطين.

كل ما قدمته أستديوهات "داعشيوود" لو أخذنا بعين الاعتبار محاولاتهم لإظهار صورة جيدة بإمكانات تقنية عالية مع استخدامات "الجرافيكس" و"الآفتر افيكت" وخلفيات الكروما، هو لا يعدو كونه فكرة بلهاء لتوريط الفن في الإرهاب، ولن نعتبرها محاولة داعشية أخرى لمخاطبة الشعوب بلغة الفن التي يفقهونها جيدا، فالرسالة المضمنة لم ولن تصل، ووصلتنا رسالة واحدة فقط تقول: لن يكون هناك مزيد من الأفلام فأنتم تقتربون من الفناء مع كل فيلم "دموي" تصنعه أيديكم.