حاولت وزارة الإسكان من خلال الفيلم الذي أعدته وعرضته أمام مجلس الشورى استمالة الأعضاء للجهود التي قامت بها خلال الفترة الماضية لتجنيب وزيرها شويش الضويحي الهجوم تحت القبة، فيما سعت إلى استثارة عاطفتهم من خلال تضمينها الفيلم لقطة تظهر الوزير وهو يقبل رأس مسن عقب تسليمه مفتاح منزله.
وعلى الرغم من هذا الأمر إلا أن ذلك لم ينج الوزير الضويحي من سياط النقد. وكان أقسى تلك الانتقادات ما جاء على لسان العضوين محمد آل ناجي وسلطان السلطان، إذ تساءل الأول: "ما الفائدة من وجود آلية توزيع وليس لديك ما توزعه على المواطنين؟!"، فيما قال الثاني: "نحن نرى أفلاما ولكننا لا نرى منتجات"، بينما لم يفت السلطان إثارة تساؤل إزاء نسبة الـ15% الممنوحة للاستشاري الذي تتعاقد معه الوزارة، وهو ما يعني حصوله على مبلغ 1.5 مليار ريال.
على الرغم من خطاب الدقائق العشر والفيلم الوثائقي الذي طبع في آخره وزير الإسكان الدكتور شويش الضويحي قبلة على جبين أحد المسنين بعد تسليمه مفتاح مسكنه، إلا أن أعضاء في مجلس الشورى تجاوزوا كل ذلك، خلال جلسة مساءلة الوزير أمس، التي امتدت إلى 165 دقيقة، ولم يترددوا في توجيه الانتقادات اللاذعة إلى أداء وزارته، كان أقساها قول أحدهم "ما الفائدة من وجود آلية توزيع وليس لديك ما توزعه على المواطنين!"، وقول آخر "نحن نرى أفلاما ولكننا لا نرى منتجات".
وفي مقابل الهدوء الذي اتسمت به بداية الجلسة، كغيرها من جلسات مساءلة الوزراء، ارتفعت وتيرة الانتقادات مع مداخلتي العضوين الدكتور محمد آل ناجي والدكتور سلطان السلطان، الأمر الذي بدا انعكاسه على الوزير واضحا، من خلال ردوده على تلك الانتقادات، التي كان يختم أغلبها بأمله بأن يقوم أعضاء المجلس بزيارته في مكتبه لإطلاعهم على الحقائق كاملة.
وفيما يتداول البعض أن نسبة السعوديين الذين لا يملكون مسكنا تصل إلى 65%، فاجأ وزير الإسكان أعضاء المؤسسة البرلمانية بتأكيده أن الإحصاء الأخير الذي قامت به مصلحة الإحصاءات والمعلومات يشير إلى أن نسبة تملك السعوديين تصل إلى 62%، مطالبا كل شخص يملك معلومة مخالفة بأن يقدم له الوثيقة الرسمية التي تكشف ذلك، وقال "إذا كان لديكم ما يثبت عكس ذلك فزودوني به، ففوق كل ذي علم عليم".
الآية القرآنية التي ختم بها وزير الإسكان جدل نسبة تملك السعوديين ليست هي الأولى، إذ حرص خلال جلسة المساءلة على استخدام آية أخرى، وذلك في سياق حديثه عن ضوابط فتح المجال للقطاع الخاص للمشاركة في بناء الإسكان، قائلا إن وزارته تفرض على الراغبين بالمشاركة "المقدرة على التصميم والتنفيذ والتسويق وتقديم خدمات ما بعد البيع".. مضيفا بقوله "هذه هي معاييرنا، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون".
ولم يخف وزير الإسكان قلقه من الارتفاعات التي تشهدها أسعار الأراضي داخل البلاد، موضحا أنها شهدت تضخما قفزت بأسعارها إلى عشرة أضعاف ما كانت عليه في السابق، وقال "الارتفاع.. الشح.. الاحتكار.. أمر مقلق جدا بالنسبة إلينا"، لافتا إلى أن وزارته قامت بإجراء دراسة متعمقة على الأراضي بغية فرض غرامات ورسوم عليها، مؤكدا أن الملف يجري درسه من جميع النواحي في المجلس الاقتصادي الأعلى.
وفيما أثار أحد أعضاء مجلس الشورى مخاوف من تأثر مشاريع الإسكان بتعقيدات استقدام العمالة التي تفرضها وزارة العمل، بدد شويش الضويحي تلك المخاوف، مؤكدا أن هناك تنسيقا كاملا مع وزارة العمل بالسماح للمتعاقدين مع وزارة الإسكان باستقدام جميع ما يحتاجونه من العمالة.
وحاصر أكثر من عضو في المؤسسة البرلمانية وزير الإسكان، بعدم قناعتهم بسياسة "إطفاء الحرائق" التي تتبعها وزارته في التعامل مع الأزمة السكانية الحالية، فيما دافع الوزير عن السياسة التي يتبعها وفريق العمل في الوزارة، مؤكدا أنهم يسيرون على استراتيجية واضحة المعالم تم إعدادها لهذا الأمر.
وفي الوقت الذي لم تخف لجنة الحج والإسكان على لسان رئيسها محمد المطيري، تخوفها من انعكاسات تباطؤ النمو الاقتصادي وانخفاض أسعار البترول على مشاريع الإسكان، طمأن الوزير شويش الضويحي إلى عدم وجود أية أمور تدعو إلى القلق في هذا الاتجاه. وقال "على المدى المنظور كل الاعتمادات الخاصة بمشاريع الوزارة موجودة ومبالغ الإقراض كذلك".
أكثر المداخلات سخونة في جلسة الأمس، سرت على لسان العضو محمد آل ناجي الذي قال مستنكرا "ما الفائدة من وجود آلية توزيع وليس لديك ما توزعه؟!". قبل أن يستدرك بالقول "واضح أن الوزارة انشغلت بقضايا جانبية عن الهدف الأساس الذي هو توفير 500 ألف وحدة.. الوزارة لا تعاني من شح في التمويل فلديها 250 مليارا، وليس لديها شح في الأراضي، وإنما تعاني من تباطؤ في التنفيذ وتوسع في الكفاية على حساب الفعالية".
ولم يكد مفعول الصدمة التي تولدت لدى وزير الإسكان جراء مداخلة آل ناجي، يتلاشى، إلا ووجه العضو سلطان السلطان انتقادا لاذعا كسابقه، وقال "الملك أمر بإنشاء هذه الوزارة لإسعاد المواطن.. ولكننا نرى أفلاما ومواقع وإعلاما ولا نرى منتجا"، فيما انتقد الكادر الفني لوزارة الإسكان متهما إياه بـ"الضعيف"، داعيا إلى عقد اجتماع موسع يضم مجلسي الوزراء والشورى لبحث ملف الإسكان بشكل مستفيض.
وحملت مداخلة السلطان اتهاما ضمنيا لوزارة الإسكان بمحاباة شركة بارسونس صاحبة العقد الاستشاري للوزارة، وذلك بحصولها على نسبة 15% خلافا لمعدل النسب العالمي، وهو ما يعني حصولها على 1.5 مليار ريال نظير أعمالها.
الوزير الضويحي وأمام ذلك الاتهام، لم يعط إجابة مباشرة تنفي أو تؤكد حصول الشركة المذكورة على هذه النسبة ولكنه طلب من السلطان وغيره من الأعضاء الذين يهمهم معرفة تفاصيل هذا الأمر زيارة الوزارة والاطلاع على تفاصيل العقد.
وفيما ثارت تساؤلات حول إمكان استفادة الإسكان من مساحات الأراضي الخاصة بالصكوك المبطلة من الجهات العدلية، أكد شويش الضويحي أن هناك تواصلا يوميا مع وزارة العدل للاستفادة من تلك الأراضي في كل من الرياض ومكة والمنطقة الشرقية، لسد حاجتنا في تلك المناطق.
وبينما أثار العضو أحمد الزيلعي تساؤلات حول ما إذا كانت مساحات الوحدات المخصصة تلبي طموحات ولي الأمر، أكد وزير الإسكان أن الوحدة السكنية الواحدة تقام على أرض مساحتها 500 متر، وأنه لا توجد أي غرفة بالداخل تقل عن مساحة (4 * 5)، فضلا عن أن المجلس لا يقل بأي حال من الأحوال عن مساحة (4 * 6)، لافتا إلى أنه من المتاح أن يقوم المستفيد بإضافة ملحق أو مطبخ خارجي بحسب الحاجة لذلك.
وعن عدم شمول الاستحقاق من مضى على إقامتهم في الخارج 90 يوما، أوضح الضويحي أن وزارة الإسكان استثنت من ذلك الطلبة وأعضاء السلك الدبلوماسي، وموظفي القطاع الخاص الذين تتطلب وظائفهم الوجود في الخارج، ومن يتلقون العلاج كذلك، ومرافقيهم..
وأضاف أن "الموجود في داخل المملكة أولى في السكن من المقيمين خارجها".
وعن استثناءات الأرامل الوحيدات، قال إن تنظيم الدعم السكني يستهدف الأسر من خلال دراسة متعمقة التي حددت بفئات "زوج وزوجته، أرملة تعول أبناء، مطلقة منذ عامين وتعول أبناء، والأيتام"، مؤكدا انفتاح الوزارة على أي زاوية أخرى شريطة ألا تخرم المقدرات الخاصة بالمواطنين.
وحول موضوع اعتماد التوسع الرأسي على حساب التوسع الأفقي، قال الوزير "إن هذا الأمر يخضع إلى المخطط الهيكلي لأية مدينة في العالم، ويعتمد أساسا على الكثافات السكانية، وما يتبع ذلك من مدى توافر الخدمات من كهرباء وماء ونقل ومدى كفايتها".
الإنجليزية تسيطر على مصطلحاته.. والقاعة تعيد ذكرياته
كان ملاحظا اعتماد وزير الإسكان الدكتور شويش الضويحي، على استخدام المصطلحات الإنجليزية التخصصية في مواطن عدة خلال إجاباته على أعضاء مجلس الشورى، خصوصا في سياق حديثه عن النظام الخاص بالتوسع الرأسي للمساكن على حساب التوسع الأفقي.
واستخدم الوزير تلك المصطلحات نحو ست مرات، وكان يعمد في بعضها إلى ترجمة المصطلح، وفي البعض الآخر يتجاوزه لانهماكه في توصيل فكرته لأعضاء المؤسسة البرلمانية.
ولأن الضويحي عضو سابق في مجلس الشورى، سعى ومن خلال استراحة قصيرة أعطاها لنفسه قبل الإجابة عن تساؤل أحد الأعضاء، أن يتحدث بحميمية عن العلاقة التي تربطه بالمكان، وقال "لدي خبرة سابقة وعلاقة ذو شجون، فمنذ أن دخلت هذه القاعة جالت في داخلي الذكريات خلال وجودي عضوا في هذا المجلس".
شوري يخاطب الرئيس: لماذا العضوات غائبات؟
شهدت جلسة مساءلة وزير الإسكان في مجلس الشورى أمس، إحجاما غير اعتيادي من العضوات في المشاركة في توجيه الأسئلة للضيف، الأمر الذي كان لافتا وبقوة، لدرجة دفعت بالعضو عمرو رجب أن يكتب لرئيس المجلس عن سبب غياب العضوات عن المشهد، فيما لم يتردد آل الشيخ من قراءة ما كتبه رجب على العلن.
وبعد نحو سبع مداخلات رجالية، جاء صوت العضوة دلال الحربي وتلتها في المشاركة بعد عدد من مداخلات الأعضاء، زميلتها فاطمة القرني، لتكونان الصوتين النسائيين اليتيمين في جلسة الأمس التي امتدت لأكثر من ساعتين من الزمن.
تويترالوطن في قلب الحدث
واكبت صحيفة الوطن عبر معرفها في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" (alwatansa)، مجريات الجلسة التي عقدها مجلس الشورى بالأمس، لوزير الإسكان الدكتور شويش الضويحي.
وعبر 11 تغريدة، لاقت تفاعلا واسعا من مستخدمي تويتر، قدم حساب الصحيفة على تويتر أبرز النقاط التي دارت في جلسة المساءلة بالأمس، فيما حظيت مداخلتا العضوين محمد آل ناجي وسلطان السلطان، اللتان نقلتهما الوطن بتغريدتين منفصلتين، بأكثر التغريدات تفاعلا من قبل القراء.
وأطلق توتير الوطن، هاشتاق #وزير_الإسكان_في_الشورى، والذي سجل بعد نحو ساعتين من إطلاقه، أكثر الهاشتاقات نشاطا، ولا يزال يشهد تفاعلا كبيرا من مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي الأكثر شهرة حتى الآن.