في وقت تعد سوق النساء بمحافظة خميس مشيط، الواقعة في قلب المحافظة، واجهة تاريخية وتراثية، ألمح عدد من صاحبات وبائعات السوق إلى أنهن سيتخلين عن مزاولة نشاطهن، على الرغم من مرارة القرار، لعدم قدرتهن على دفع إيجار المحال الجديدة التي تعتزم البلدية نقلهن إليها والذي يصل إلى 12 ألف ريال شهريا.

"الوطن" قامت بجولة في السوق التي تمتد عمرها نحو 40 عاما، وتشمل نحو 32 محلا، ومستثمروه في الغالب من النساء كبيرات السن ذوات الدخل المحدود، وبضائعهن تحاكي الماضي وعبق التاريخ، فلا تجد بضاعة محددة أو نشاطا واحدا، فالمحل الواحد لا يتجاوز المترين طولا وعرضا، ويمتلئ ببضائع متنوعة تشمل الملابس القديمة ذات الطابع التراثي الجنوبي، وبعض المستلزمات التراثية المستخدمة للنساء، وبعض التحف التاريخية.

ورصدت جولة "الوطن" حالة مترهلة ومهملة للسوق، وغيابا لـ"التنظيم والنظافة"، ووجودا لبعض العمالة من جنسيات آسيوية، ووجود بضائع خارجية عن المحال والسوق وفي الممرات، مما تسبب في اختناق الممرات، ويهدد بكارثة بشرية في حال تعرضه لشرارة حريق، إضافة إلى غياب الجمال الإنشائي، وافتقاده للدهان الداخلي، وأعطال في المصابيح الكهربائية الداخلية، وصعوبة السلالم الخارجية المؤدية إلى السوق من الجهتين الشرقية والغربية، ويزيد من سوء السوق وخطورته أنه عبارة عن هنجر من الحديد الذي لا يحمي من حرارة الصيف ولا صقيع الشتاء، ولا يقاوم هطول الأمطار.

أم حسن صاحبة أقدم محل بالسوق تحدثت إلى "الوطن" بحرارة الأسى، مؤكدة أنها تزاول نشاطها منذ كانت "بسطات" ثم انتقلت إلى مقر السوق الحالي بإيجار سنوي قدره 1000 ريال، مؤكدة أنها وزميلاتها بالسوق يعلن أسرا ويتكسبن من محالهن التي يقضين فيها ساعات طويلة، وأنهن في السوق الحالية يعانين غياب التنظيم والترتيب والخدمات، غير أنهن راضيات بالعمل في ظل الإيجار الحالي، مؤكدة أنهن مع قرار نقلهن إلى موقع آخر يكون أكثر أمانا وتنظيما، إلا أن الفاجعة هو ما وصلهن بأن الإيجار للمحل الواحد بالموقع الجديد يصل إلى 12 ألف ريال سنويا، على الرغم من وعود مسؤولي البلدية لهن ببقاء الإيجار نفسه بالموقع الجديد، بحسب قولها.

فيما أكدت أم عبدالعزيز أن السوق مهملة وتغيب فيها النظافة والاهتمام، إضافة إلى ضعف في الصيانة لمصابيح الكهرباء الداخلية، مشيرة إلى أنهن يعانين كسعوديات من العمالة التي استطاعت أن تسحب الزبائن منهن، فيما اتفقت معها البائعة أم عائض الأحمري، وطالبت برفع صوتهن إلى المسؤولين، لاستمرار عملهن بالسوق في أي موقع، وأن يبقى الإيجار الحالي دون زيادة، ليستطعن دفع التكاليف والكسب، لا سيما أن ربح بضائعهن بسيط جدا.

وبحسب معلومات لـ"الوطن"، فإن هناك استدعاءات قدمت لبلدية محافظة خميس مشيط من أهالي البائعات، يطلبن فيها عدم رفع الإيجار في موقع السوق الجديدة، وعدم قدرتهن على الوفاء والعمل، إضافة إلى مطالبات أخرى قدمت للمجلس البلدي بالمحافظة للتدخل.

إلى ذلك، تواصلت "الوطن" مع بلدية محافظة خميس مشيط والمجلس البلدي منذ أسابيع عدة للحصول على تعليق حول واقع السوق الحالي، وبعض الاستفهامات الخاصة بالانتقال إلى السوق الجديدة إلا أنه لم يتم الرد حتى إعداد نشر التقرير.

إلى ذلك، أكد رئيس بلدية محافظة خميس مشيط الدكتور مسفر بن أحمد الوادعي أن أمانة منطقة عسير حسمت قضية سوق النساء بالمحافظة، بعد أن عاشت فترة من الجدل والتدخلات لإرضاء البائعات وتطبيق الإجراءات، مشيرا إلى أن البلدية عرضت الموقع المقترح من المجلس البلدي بالمحافظة وسط البلد على لجنة تثمين العقارات البلدية وقدرت أسعار المحال به ما بين 12 إلى 18 ألف ريال سنويا.

وقال الوادعي "إن المجلس البلدي تدخل مجددا في سير القضية، مطالبا نقل البائعات للموقع الجديد بأجره السوق الحالي نفسه، فيما رفعت البلدية بدورها المقترح إلى أمانة منطقة عسير لبحث إمكان تلبية طلب المجلس البلدي، إلا أنه للأسف الأنظمة والتعليمات لا تجيز ذلك، مضيفا أن هناك توجها بإعادة تأهيل السوق وصيانتها ضمن مشاريع هذا العام.

وبرر الوادعي ضعف الرقابة الصحية بسوق النساء بعدم وجود مراقبات في السوق، وذلك لصعوبة التعامل مع البائعات من المراقبين، مؤكدا أن النظافة في السوق "ممتازة" وليس بها قصور.