أراهن على أن قرار القيادة السعودية، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بالتوجه نحو تطعيم الحكومة الجديدة بالشباب، وصنع حكومة متوازنة بين الخبرة والشباب، تشبه إلى حد بعيد حكومة الكفاءات "التكنوقراط"، كان قرارا حكيما تقتضيه ظروف وحاجة المرحلة السعودية المقبلة، خاصة مع ارتفاع نسبة معدلات الأعمار الشابة في المجتمع السعودي كما أوردها الزميل الجميل بصحيفتنا الوطن "فواز عزيز" في مقالته هذا الأسبوع، والتي ذكر أنها بلغت (80%) بحسب بيانات مركز المعلومات الوطني بوزارة الداخلية، وتقع هذه النسبة تحت سن الـ(40 عاما). هذا ما يختص بالداخل السعودي، وأستطيع من واقع معايشتي أن أتقبل هذه النسبة المرتفعة نوعا ما، وهي على أرض الواقع ملاحظة جدا، ولا يمكن إغفالها على أية حال.
وفي هذا الإطار نفسه الذي يبحث في قضايا المنطقة قدم الأستاذ علي حسين شرفي، رئيس جمعية البحرين الشبابية في مؤتمر الأمن الوطني والأمن الإقليمي لدول مجلس التعاون، والذي نظمه مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، رؤية خاصة من الداخل قال فيها: "إن إشراك الشباب والمرأة في عملية التنمية الشاملة أصبح أمراً غاية في الأهمية، للتغلب بشكل مستدام على الأزمات والتحديات التي تواجهها دول مجلس التعاون الخليجي، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي"، وبرر ما جاء في مقدمة ورقته المهمة تلك بقوله: "إن الإحصاءات تشير إلى أن معظم سكان دول مجلس التعاون هم دون سن الـ25 سنة، وأنه من المتوقع أن تكون نسبة عدد الشباب من هم دون سن الـ25 حوالي 54% من إجمالي عدد السكان في دول مجلس التعاون بحلول عام 2020، وكذلك بالنسبة إلى النساء تشير بعض الإحصاءات إلى أن نسبة النساء في دول مجلس التعاون تفوق نسبة الرجال في بعض دول الخليج".
من هنا ندرك أهمية معنى أن تولي القيادة السعودية أهمية قصوى لشعار الشباب والمستقبل، فنحن الآن نقف أمام بوابة العبور إلى منطقة ومنطق جيل جديد، ومجتمع يؤمن أكثر بقدراته، ويرغب أن يرى نفسه على المحك ليثبت مواهبه القيادية، في عالم بات يتمتع بسحنة شبابية منذ أكثر من عقد تقريبا، على مستويات المقاعد السياسية، أو مقاعد إدارات الشركات العالمية الرائدة، فالكثير من الدول في العالم قد استبدلت قياداتها العتيقة بالوجوه القيادية الشابة كبريطانيا وروسيا والولايات المتحدة الأميركية الصين وفرنسا وغيرها من دول العالم، كما وأدخلت إلى مقاعد حقائبها الوزارية المزيد من الدماء الشابة التي عكست فكر القيادة الجديد، وكتبت مشهدا مليئا بالنجاح والثقة فيما يخص قراراتها واتجاهاتها.
هذه الثقة في الواقع ليست وليدة الفجأة أو الصدفة، بل نتيجة لعمل استمر لعقود ماضية، عمل من أجلها صناع القرار في المملكة العربية السعودية، لأنهم يدركون سنن الله في الحياة القائمة على التغيير والتحديد والتنوع من جهة، ووعيهم بأن المتغيرات الجديدة تقتضي عقولا جديدة، وفكرا جديدا وسواعد شابة جديدة.
نحن إذن أمام أول مرحلة على طريق الدولة السعودية الشابة، وهي مرحلة نجحت القيادة بحكمتها، في وضع أولى خطوات أقدامها على الطريق من خلال التعيينات الوزارية الشابة، في مختلف المواقع الوزارية بشجاعة فائقة، على الرغم من حرج الوضع السياسي العام بالمنطقة العربية والشرق الأوسط، وهذا قطعا دليل كبير على الثقة العظيمة فيمن اختارتهم القيادة، وأسندت إليهم تلك المناصب القيادية، وهم أهل لذلك حتما.
دعواتي لهم بالتوفيق والنجاح، وليوسعوا لنا في صدورهم، وليتأكدوا أننا لن نبخل عليهم بما نستطيع من مشورة ورأي إن شاء الله.