على الرغم من أزمة أسعار النفط الحالية وانعكاساتها الحادة على الإيرادات إلا أنها ربما أسهمت في خلق فرص أمام الحكومة لمعالجة أخطاء الاقتصاد وإعادة هيكلته بما يساعد على تطويره وتحقيق كفاءة الإنفاق والحد من برامج الدعم ومنها دعم سعر اللقيم لشركات البتروكيماوية السعودية، الذي كان من المفترض أن يرتبط بفترة حضانة محددة ثم يبدأ بالتقلص التدريجي للوصول بقطاعات الإنتاج إلى مرحلة التنافسية العالمية.

هذا ما خرج به الخبير الاقتصادي فضل البوعينين في حديثه إلى "الوطن" عن اقتصاديات البترول في الوقت الذي تشهد فيه الأسواق العالمية انخفاضات حادة بالأسعار، إذ أشار إلى أن ارتباط صناعة البتروكيماويات العالمية باسعار النفط أدى إلى تراجع أسعار اللقيم وبالتالي أسعار المنتجات البتروكيماوية النهائية ما انعكس سلبا على هوامش الربح المحققة من الشركات السعودية.

وأكد البوعينين أن انخفاض أسعار الغاز عالميا يقلص الفارق المحلي بين سعر اللقيم المدعوم الذي تقدمه الحكومة للشركات وأسعاره الحقيقية في الأسواق العالمية، ما قد يدفع الشركات السعودية لرفع كفاءة التشغيل للمحافظة على هامش الربحية وهي أولى خطوات دعم التنافسية القائمة على المعايير العالمية.

ويرى الخبير الاقتصادي أن تقلص فروقات كلفة الإنتاج النسبية بين الشركات المحلية والعالمية يجعل من عملية مراجعة الدعم المحلي ممكنة وفق آلية تسهم في خفض انعكاسات التغيير السلبية على الشركات السعودية.

وفي شكل عام يعتقد البوعينين أن انخفاض أسعار اللقيم عالميا وبالتالي أسعار المنتجات البتروكيماوية ربما يكون له انعكاس إيجابي في تفعيل التنافسية المهمشة محليا بسبب عمليات الدعم والتحفيز الحكومي، مضيفا "انخفاض أسعار البتروكيماويات سيؤدي إلى انخفاض دخل الشركات المحلية وبالتالي ربحيتها ما لم تقم بتطوير أدائها والتعامل باحترافية مع متغيرات السوق حتى وإن حصلت على اللقيم بأسعار مخفضة جدا مقارنة بالأسعار العالمية فالعبرة في هامش الربح المحقق الذي سؤثر سلبا أو إيجابا في النمو".

ولهذا يؤكد البوعينين أن الحكومة قادرة على إجراء تعديلات في سعر اللقيم وبما يتناسب مع متغيرات الأسعار العالمية مستقبلا مع خفض الانعكاسات السلبية التي تصيب قطاع البتروكيماويات، مشيرا إلى أن الانخفاض الحالي في أسعار اللقيم سيؤدي إلى مراجعات جوهرية في الشركات البتروكيماوية السعودية وسيدفعها للتعايش مع المتغيرات الحالية لضمان تحقيق الأهداف الربحية، بمعنى أن انخفاض أسعار المنتج النهائي سيقلص هامش الربحية الذي كانت شركات البتروكيماويات تخشى من وقوعه في حال رفع سعر اللقيم المدعوم أما وحدث لأسباب خارجية فعلى الشركات السعودية أن تعالج مشكلاتها الربحية بمراجعة عمليات التشغيل والتحكم في مدخلات الإنتاج وهو ما سيقودها لتحقيق معايير التنافسية.

ومن هنا يرى البوعينين أنه يمكن للحكومة تثبيت سعر اللقيم المدعوم الحالي كسعر أساس ثم تبدأ في رفعه التدريجي بنسبة موازية لارتفاع اللقيم عالميا حتى تصل السعر الجديد المستهدف الذي يجب أن يكون محفزا للشركات ويقل في الوقت عينه عن الأسعار العالمية.

أما في حال مواصلة انخفاض أسعار اللقيم العالمية فقال: في هذه الحالة تبقي الحكومة على السعر المدعوم دون تغيير لأن ذلك سيساعدها على تقليص الفارق وتقليص سعر الأساس مستقبلا وسيساعد الشركات على الإنتاج وفق التنافسية العالمية.

وجزم الخبير الاقتصادي بأن آلية تثبيت سعر اللقيم الحالي والاعتماد عليه كسعر أساس ثم رفعه تدريجيا بنسبة متوافقة مع ارتفاع أسعار اللقيم عالميا أو أقل منها بقليل حتى الوصول إلى السعر الجديد المستهدف، سيعطي الحكومة مخرجا عمليا لتجاوز المتغيرات المفاجئة التي كان متوقعا أن يحدثها الرفع المفاجئ لو نفذ في الأعوام الماضية.