كثر في الآونة الأخيرة تذمر الكتاب السعوديين، وإحباطهمهن من ردود أفعال المسؤولين والجهات الرسمية، وغير الرسمية، والرسمية غير! على ما يبدونه من انتقادات! وآخرهمهن الزميل العكاظي/ "هاشم الجحدلي"، الذي لم يستطع كبت شعوره بعدم الجدوى من الكتابة برمتها، وكان ختام مقالته أمس يأساً قاتلاً: "...من قال إن الكتابة تغير شيئاً ما عنده سالفة"! وقبله صعق الكاتب الوطني "الشاب"/ "سعود كابلي"؛ حين عثر على مقالة للرمز الضخم/ "غازي القصيبي"، تشكو من تخلف التعليم قبل خمسة وثلاثين عاماً، وتوجه لـ"وزارة المعارف" الانتقادات والمطالبات ذاتها التي نوجهها اليوم لـ"وزارة التربية والتعليم"! ولو أوغل "سعود" في التاريخ قليلاً، واطلع على كتابات "محمد سرور الصبان"، و"أحمد السباعي"، و"عبدالكريم الجهيمان"، و"محمد حسن عواد" لوجد الشكوى نفسها، والانتقادات ذاتها، والمطالبات عينها "اليُسنى" و"اليُمْرى"! مع مراعاة فارق "الترهل": فالمقررات "الورقية" كانت لا تزيد عن "سبعة"، واليوم لا تقل عن "سبعة عشر"! وطلاب الفصل الواحد كانوا لايزيدون عن "خمسة عشر"، وأصبحوا لا يقلون عن "خمسة وثلاثين"! ولم يكن هناك "طالبات"، واليوم عندنا طالبات، ومعلمات بلغ من كثرتهن أننا ـ ومنذ سنوات ـ نقدم كل شهرٍ شهيدةً أو شهدتين! أما الفكهاني الجميل/ "محمد الرطيان"، المهاجر إلى "المدينة"، فقد ارتعدت فرائصه لتهديد "قاريء" بمقاطعته والبحث عن كاتب آخر؛ لأنه سئم تكرار طرح مشاكل العطالة، والبطالة، والمطالة، والنطالة، والجطالة، والخطالة! فما كان من "الروووطيان" إلا أن استجاب للتهديد؛ خوفاً على فرائصه ـ رغم أنه ليس لديه "فرائص"؛ لكثرة ما تلقى من اتصالات هاتفية تبدأ بـ(01) ـ وقرر أن "يغني" للقارئ العزيز! ومن يعرف صوته جيداً ـ كالزميل/ "فواز عزيز" ـ يدرك أن "الصَّمَمَ" نعمة لا يدانيها إلا "الطَّرَشُ"، ولا يفوقها إلا "الصَّقَهُ"! وهل كان "لِمُطَرْبِقٍ" سعودي أن ينجح لولا تلك "النعم" الجليلة؟ وسندعم ألبوم "الروط" القادم، بنشره "نقدياً" بمنشار "محمد عبده" الحديد المبيد، لا بمنشار "إسلام زاهد"، الفنان الحقيقي الوحيد الذي نشرناه مدحاً، وتنبأنا له بمستقبل "مشرق"! لكنه قرأها بالفاء وتشديد الراء المكسورة: "مشرِّف"! فاعتزل الفن وهو لم يصدر إلا ألبوماً واحداً... وهل للفنان مستقبل "أشرف" من الاعتزال؟!

وأما في رمضان ـ والشياطين مصفدة يادافع البلاء ـ فقد ذهب "علي الموسى" إلى أبعد من ذلك؛ فقرر أن الكاتب يساهم بشكل فعال ـ قصد أم لم يقصد ـ في تضليل الناس، وإيهامهم بأنه "كله تمام"، و"كن جميلاً تر الوجود جميلاً"، كما يقول الزميل "المهجري"/ "إيليا أبي ماضي"، وهو ـ بالمناسبة ـ شاعر التفاؤل الأول في العالم العربي، لكنه "شخصياً" كان يعاني اكتئاباً شديداً مزمناً، دفعه للانتحار أكثر من مرة، ولهذا يقول:

"ولكني امرؤٌ للناس ضَحْكِي * ولي وحدي تباريحي وحزنـي"!