في أغسطس من عام 1962 نشرت كوبا صواريخ نووية روسية موجهة رؤوسها نحو الولايات المتحدة الأميركية، تستطيع ضرب معظم أراضيها، أميركا استشعرت الخطر وضجت تجاه هذا التهديد، وسط أصوات أميركية تطالب بعدم التصعيد كيلا تقع حرب عالمية نووية، وأمام من يرى أن الخطر موجود ولا بد من القضاء عليه في بدايته الآن وليس غدا.. وكان ما كان من قوة التهديد والفعل الأميركي والمهلة الشهيرة التي منحها الرئيس جون كنيدي للسوفيات والكوبيين بإزالة الرؤوس النوية أو ستقوم أميركا بتدميرها إن لم يفعلوا، فكان أن تمت إزالة الصواريخ على أن تتعهد أميركا بعدم غزو كوبا، وكُفيت أميركا خطرا لو سكتت عنه لكانت الحرب التي لا تبقي ولا تذر!

ومن التوطئة أعلاه فإنه لا ينبغي أن ننظر إلى ما يحدث في اليمن من انقلاب على السلطة من الحوثيين وسيطرتهم على كل اليمن بدعم إيراني لا لبس فيه أو تشكيك على أنه تقاتل ميليشيات وتصارع قبائل سرعان ما يخمد، والسبب أن أجندة ظاهرة بدأت تطل برأسها دون حياء أو مواربة لتحقق لإيران التوسع والتهديد اللذين تريدهما، ومن غير المنطقي أن يصور الأمر على أنه مرحلة من مراحل اليمن المتقلب، لأننا نجزم أن تمكن الحوثيين من السلطة سيجعلهم بفضل السلاح والمال والتدريب الإيراني أكثر رسوخا وأشد تهديدا للجيران، بل أشد فتكا على من يخالفهم طائفيا.

بكل أسف ما حدث في لبنان من حزب الله يطل علينا كمثل قائم، والتاريخ القريب يؤكد لنا أن هذا الحزب ليس إلا جماعة صغيرة ولدت في 1982 تبنتها إيران، وفجأة بات القوة الأكبر في لبنان، بل الذراع التي لا تخجل إيران من استخدامها في كل اتجاه وفي كل بلد، الأمر نفسه سيتم الآن في اليمن، والأكيد أن المتضرر الأكبر منها هو بلدان الخليج والسعودية بشكل خاص، فهلا استطعنا أن ننتزع القنبلة من يد المتهور الحوثي تلك التي ستطالنا نيرانها، إن لم تكن ستشتعل أكثر.

نشير إلى ذلك ونحن ما زلنا نتأذى من العداوة الإيرانية التي لم تدع شيئا إلا وفعلته، خاصة في البحرين وهي تواصل الخطى لتهديد الخليج وتدفع معظم ثرواتها لأجل ذلك حتى لو تراجع سعر البترول، وشد خاصرتها الحصار الاقتصادي.. هي بلد لا يعنيها أن يجوع شعبها بقدر أن تحاصر العرب وتهددهم.

علينا ألا نكون ساذجين لأن السلاح موجه وبقوة إلى الخليج، وعليه فلا بد أن تكون ردة الفعل موازية لقوة التهديد، ، والسبب أن إيران المعادية لكل ما هو خليجي وسعودي بشكل أشد قد استقرت على التوجه بقوة إلى الحوثيين بعدما بدأ حليفها في لبنان يفقد كثيرا من مصداقيته ووجوده، وزبانيتها في البحرين لم يبلغوا حد القدرة على تغيير الواقع البحريني المتماسك، لذا فمنفذها الجديد هو اليمن، والأكيد أننا في حاجة إلى استعداد للتصدي لهذا الشر.