كنت برفقة ثلاثة من الأصدقاء في أحد المهرجانات العامة، حينما ارتفع صوت المذيع الداخلي عبر المايكروفون..

وأثناء تلك اللحظة مر بجوارنا رجل يسير خلفه طفلان.. كان الطفل الثاني يصرخ بشدة كالملدوغ.. كان في حالة رعب شديدة.. يرتجف ويضع أصابعه في أذنيه.. أخذتني الشفقة كثيرا.. لا أعرف مع الأسف السر حتى أبلغني أحد الأصدقاء الثلاثة ـ وهو طبيب ـ بأن هذا الطفل مصاب بمرض التوحد..

الذي أغاظني جدا أن الأب كان يسير دون مبالاة بصراخ الطفل الصغير الذي ملأ المكان.. كان المنظر مؤثرا للغاية.. أردت أن أندفع نحو الأب لولا أنني تذكرت أن من تدخل فيما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه!

ذاب صوت الصغير وسط الزحام.. لكن صورته بقيت عالقة في ذاكرتي حتى هذه اللحظة.. الأمر لا يخرج عن حالتين: إما أن الأب لا يعرف مشكلة ابنه.. وهذا وارد جدا.. أو أنه يعلم عنها؛ لكنه يعلم أنه ليس ثمة قانون يعاقبه!

فإن كان لا يعلم شيئا عن مرض ابنه ـ وهذا كما قلت وارد جدا ـ فالواجب على الجمعيات الخاصة بمرضى التوحد ـ مثل جمعية أسر التوحد والجمعية السعودية الخيرية للتوحد وبقية المؤسسات ـ أن تضاعف من جهودها لتوعية المجتمع ـ الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات ـ بهذا المرض وأهمية الاكتشاف المبكر له وكيفية معرفة أعراضه والتعامل مع طفل التوحد داخل وخارج البيت، سواء كان سلوكيا أم صحياً أم غير ذلك..

هذا ـ كما قلت ـ في حال كان ذلك الأب لا يعلم شيئا عن مرض طفله الصغير.. أما إن كان الأب يعلم وغير مبال.. فهذا يثير سؤالاً مهماً: ألا يوجد قانون يردع هؤلاء القساة الذين نزعت الرحمة من قلوبهم؟

هذا وأمثاله لا يجرؤون على هذه السلوكيات في أوروبا وأمريكا.. الغرب الكافر لا يعرف "أنا من طرف الشيخ جورج أو يسلم عليك الأستاذ أديسون آل فيليب"! ـ "يخرب بيت هالغرب شو كافر"!