بايعنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله منذ أيام، ليصدر قرارات ملكية مباركة -إن شاء الله- نزلت بردا وسلاما علينا كشعب.. فجزاه الله خيرا وسخر له الأمناء المخلصين للدين ثم له وللوطن حكومة وشعبا.. وأعاننا بعظيم فضله سبحانه لنكون على ما يحبه ويرضى وجنودا حماة نذود عن أرض الوطن كل من في مجال عمله.
لن أدعي استيعابي لكافة القرارات الملكية الأخيرة وأبعادها الاستراتيجية، ولكن ثقتي بحكمة الملك سلمان - حفظه الله ـ أدام الله الوهاب عليه الصحة والعافية، تدفعني لليقين أنها ستصب بإذن الله في مصلحة البلاد، فنحن نعرفه لعقود أميرا لعاصمة البلاد الرياض، حينها كنت أتمنى أن تنال الرياض جائزة الإمارة المثالية من حيث الإدارة والمتابعة، أما حرصه وتواضعه فمضرب للأمثال، وسيذكر التاريخ أنه القريب من المواطنين الحريص عليهم، كما لوحظ على العاملين معه أنه يتم اختيارهم بعناية شديد، وأعني هنا كل العاملين معه من أبسط وظيفة إلى أعلاها، فاختيارهم لا يتم بشكل ارتجالي، ومع ما كان يظهر عليهم من جهد من جراء تنفيذ تطلعاته - حفظه الله - المنصبة في مصلحة المراجعين.. يجد المقبل عليهم أنهم وفي المجمل يحترمون المراجعين ويتحملون الكثير من العنت في سبيل خدمتهم.
لقد اخترت اليوم أن أوجه حديثي لمعالي وزير التعليم الدكتور عزام بن محمد الدخيل، أعانه الله فالأمانة عظيمة والحمل كبير ولكننا على ثقة أنه بحول الله سبحانه قادر على إنجازها على أكمل وجه، ومن هنا آمل منه أن يولي الوضع المأساوي للمدرسات العاملات في المناطق النائية جل اهتمامه فلا يركن قضيتهم أمام القضايا الأخرى المهمة التي تفرض نفسها لعظمها بطبيعة الحال.. كما آمل أن يصدر قراراته بتنفيذ قرارات وزير التربية التعليم السابق صاحب السمو الملكي الأمير خالد، وأعني هنا توطين المدرسات العاملات في المناطق النائية، وتوفير مواصلات آمنة لهن ذهابا وإيابا، والتخفيف من دوامهن في تلك المناطق فلأن يصلن لتلك المناطق النائية عليهن مغادرة منازلهن قبل صلاة الفجر ليعدن إلى أسرهن قبيل صلاة المغرب أو بعدها.. هذا إضافة إلى تعريض حياة بناتنا المدرسات إلى حوادث حصدت الكثير من أرواحهن العزيزة لأسباب عدة، منها عدم توفير حافلات آمنة، كما أمل من معاليه الإبقاء على غيرها من القرارات التي تحفز المتميزين والمتميزات في القطاع التعليمي النظامي منه وحتى العالي لتقديم المزيد من البذل والعطاء..
الحرية الأكاديمية في جامعاتنا المقننة بطبيعة الحال هي ما أخشى عليها، فلا يمكن أن نجعل من سياسة التعليم النظامي هي المهيمن على التعليم الأكاديمي فالفصل بين تنظيم العملية التعليمية في مراحل التعليم النظامي لا بد أن يكون مختلفا تماما عن التعليم الجامعي، فالتعليم الجامعي يعتبر الأستاذ الأكاديمي أهم عناصره وأقوها، والحرية الأكاديمية المقننة من أهم مميزات جودة التعليم الجامعي عالميا. كما أطالب بمراجعة قرارات لجان عليا في التعليم العالي قررت مؤخرا إلغاء بدل الحاسب الخاص بالأكاديميين المواطنين العاملين في التعليم العالي باستثناء المتخصصين بالحاسب الآلي، علما أن القائمين على التعليم الجامعي في معظم جامعاتنا تم تكليفهم السنوات الأخيرة بالتعامل الإلكتروني داخل القاعة وخارجها، فعليهم إعداد وعرض المادة الأكاديمية إلكترونيا، والتقييم الإلكتروني، ومتابعة الطلاب والطالبات، وفتح منتديات حوارية وكل ذلك من خلال موقع كل جامعة الإلكتروني، بل والتحضير الإلكتروني، وهو ما يستغرق من الأعضاء جهدا مضاعفا ولساعات طويلة خارج الدوام الرسمي، وقطع هذا البدل تحت أي مسببات ومسوغات والذي جاء من قبل أعضاء في لجان العليا في التعليم العالي يعد أمرا مجحفا في حق الأعضاء الذين تلزمهم إدارة الجامعات بالعمل لساعات طويلة خارج الدوام لتفعيل التعليم الأكاديمي وموقع الجامعة الإلكتروني، وكان القرار مستندا على حصول العضو على بدل الحاسب، علما أن هذه اللجان لم تأخذ رأي كافة مديري الجامعات -على حد علمي- قبل إصدار قرارهم بإلغاء بدل الحاسب، وهم كما يعلم معاليكم أنهم المعنيون المباشرون في تفعيل التعليم العالي بشتى جوانبه.
كما آمل من معاليه مراجعة إلزام المعيدين والمحاضرين العاملين في الجامعات السعودية الوطنية، خاصة العنصر النسائي منهم بالابتعاث الخارجي، فبعض بناتنا قد تكون مؤهلة للتقدم للعمل كمعيدة، ولكنها تمتنع لعدم مناسبة شرط المقرر لحصولها على وظيفة معيدة والمقتضى موافقتها على إكمال دراستها العليا في الخارج، إذ إن ظروف بعضهن الأسرية تمنع مغادرتهن للبلاد، كعدم وجود محرم، أو وجود أبويين مسنين يحتاجان رعايتها، ووجود زوج لا يستطيع ترك عمله وأبناء في سن التحصيل العلمي وهكذا.
ومن هنا أعتقد أنه من المناسب جدا توقيع شراكة بيننا وبين الجامعات المرموقة عالميا، بحيث نستقطب الكوادر المؤهلة ولو كزائرين لفصل أو فصلين جامعيين، وهذا الوضع سيحقق الغاية من تعليم بناتنا في مجتمعنا وبين أحضاننا.. ومن استفادة الكادر الوطني الأكاديمي من خبرات هؤلاء الأساتذة.
وجدير بالإشارة هنا ما وصلني من أكثر من طالبة دراسات عليا مبتعثة خارج البلاد للحصول على درجة الماجستير والدكتوراه، فقد أكدن تفوق الكثير من الأساتذة المواطنين المتخصصين، وأيضا المتعاقدين من الدول العربية والآسيوية والعاملين في جامعاتنا عن أساتذة الجامعات في دول الابتعاث، إلا أنه إحقاقا للحق لا بد من الإشارة أيضا إلى المهنية العالية لبعض من الجامعات العالمية، وللمستوى العالي لبعض العاملين فيها.. مما يدعم العناية بالابتعاث الخارجي، لكن ليس على سبيل الإلزام بل على سبيل التحفيز مع ترك الأمر كخيار للمعيد أو المحاضر.