تكلم الناس كثيرا عن الانتقال السلس للحكم، ولم يكن هذا الانتقال إلا مؤشرا من مؤشرات الاستقرار في الوطن الذي تمثله رياض الأمير سلمان التي أصبح ملكها!
الرياض تنام بين يدي الملك سلمان الذي أمضى أكثر حياته أميرا للرياض وأميرا للقلوب، يعطي الكل ولا يأخذ.
رياض سلمان من بداية الأسبوع الماضي كانت تستقبل الوفود من خارج المملكة للتعزية، وتغص بالقادمين للمبايعة وتسير الحياة فيها كما سارت قبل أكثر من نصف قرن هادئة وادعة تنظر للأجمل!
ليلة الجمعة الماضية أعلنت الرياض قراراتها الملكية الحاسمة، وكانت هي المرحلة الثانية من تشكيل الحكومة أعيد فيها هيكلة الأسماء بمجلس الوزراء بإعلان أسماء جديدة واستمرار أسماء أخرى.
بعض المعلقين انتبه إلى أن الإضافات في مجلس الوزراء الجديد كان كثافة دخول الحقوقيين إلى المجلس الجديد، وهي قراءة مهمة تشير إلى أن هؤلاء الوزراء مؤشر على العناية بتفعيل ثقافة الحقوق.
ومن المعلقين من توقف عند نقطة مهمة وهي أن الدماء الشابة الجديدة في التشكيل الجديد إضافة مهمة له توحي بأنه تشكيل للمستقبل.
ماذا يعني التشكيل الجديد للمواطنين؟
تباينت الآراء بين مبتهج بقرار صرف مرتبين أو قرار ضم وزارتين، وآخر فرح بتعديل ما، ومتوجس وآمل خاب أمله إلا أن الجميع انشغل بهذه القرارات، وحتى وأنت تقرأ هذه الكلمات تبقى القرارات حدثا ضخما جدا بالنسبة لنا، ويبقى الحكم عليها أكثر صعوبة، لكن وبنظرة سريعة لأهم قرارات التشكيل الجديد سنجد أن أكثر ما شد الناس فيه هو التغييرات في الوزارات الحيوية، ولنأخذ مثلا وزارتي التعليم والثقافة والإعلام
لو أخذنا الثقافة والإعلام كمثال، نجد أن هذه الوزارة تتكون من قسمين حيويين الأول يمس المجتمع من أندية أدبية وجمعيات ثقافة وما يتعلق بتشكيل وعي المجتمع، ولكن هذا الشق المهم لا يحظى إلا باهتمام قلة من المجتمع أقرب للنخبوية، وكانت هناك مطالبات بوزير شاب يعيد المجتمع للتفاعل مع الأنشطة الثقافية، كما أن الشق الثاني "الإعلام" كان يحتاج إلى رؤية جديدة تواكب العصر وقفزات التواصل، والوزير الشاب قادم من صرح إعلامي مهم لمنصب أهم يمس ثقافة دولة يتطلع الناس لما يصدر عنها لأهمية موقعها السياسي ولقيمتها الدينية.
ولا ننسى هنا أن القرار بدعم الأندية الأدبية مثلا يصب في دعم هذه الوزارة، ويعي حاجتها للمزيد من الدعم المخصص المعتاد ولعل جمعيات الثقافة والفنون تنال أيضا ما نالت الأندية.
التعليم أيضا ألغيت مجالسه العليا، وضُمت وزارتا التربية والتعليم والتعليم العالي تحت مسمى واحد شامل وبوزير من جيل الشباب أيضا ترك له السابقون ملفات مفتوحة وتعديلات لم تتم ومشاريع سيعيد النظر إليها مرارا حتى يصل إلى رؤية تخدم القطاع الأهم في حياة وبناء المستقبل ألا وهو تشكيل الإنسان.
ما حدث ليلة الجمعة شمل إلغاء المجالس العليا وإنشاء مجلسين هما: الأول مجلس الشؤون السياسية والأمنية، والثاني مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وتحديد التابعين للمجلسين في خطوة مهمة تساعد على توحيد الجهود وتنظيم ومتابعة خط سير العمل.
الملك سلمان اختار للرياض أميرا مشهودا له في عمله، وأعاد تشكيل مجموعة من أمراء المناطق، فعودة الأمير خالد الفيصل إلى منطقة مكة تعطي تصورا واضحا لمستقبل المنطقة التي لم يطل بعده عنها وصنع الكثير لها في الماضي.
القرارات المالية أيضا مهمة من صرف مرتبين لجميع منسوبي قطاعات الدولة، موظفين وطلابا ومتقاعدين، مما أحدث بهجة عارمة طالت من يشمله القرار ومن ينتفع منه، ولكن من القرارات المالية المهمة التي توحي بإنسانية نادرة تسديد ديون المعسرين من السعوديين وغيرهم إلى ما يصل إلى نصف مليون ريال ولا يستغرب هذا الدعم على مملكة الإنسانية التي تتحمل أعباء أسر السجناء وتنفق عليهم وتسدد حتى ثمن المساكن المستأجرة التي تخص أسرهم.
وهنا نستحضر قول الشاعر القديم:
وأحسن من نور يفتقه الندى
بياض العطايا في سواد المطالب
أعتذر، فلم أعط الموضوع حقه من التحليل والرؤية التي تستشرف المستقبل، ولكن التغييرات والحقائب الوزارية تعد بصناع للمستقبل طال انتظارهم، وتوحي أن الخير قادم معهم بإذن الله، ما دام الوطن بين يدي خادم الحرمين الذي أردف القرارات بتغريدة على حسابه في تويتر قال فيها: "أيها الشعب الكريم: تستحقون أكثر ومهما فعلت لن أوفيكم حقكم، أسال الله أن يعينني وإياكم على خدمة الدين والوطن، ولا تنسوني من دعائكم".