تم مصادرة كميات كبيرة من اللحوم والأسماك مجهولة المصدر وغير صالحة للاستهلاك الآدمي وتم إتلافها على الفور، إضافة إلى مصادرة أكثر من 3500 كرتون خضروات وفواكه مجهولة المصدر، إذ تم تسليمها رسميا للجمعيات الخيرية حسب الأنظمة المتبعة.

ولنضع بين قوسين بقية الخبر الذي يشير إلى تسليمها للجمعيات الخيرية، فهذا الجانب المظلم من الخبر.

ويطالعنا بعده بفارق 84 ساعة خبر يقول: أمانة الرياض تضبط دجاجا وأسماكا ولحوما فاسدة وتصادر 600 دجاجة حية، ومن مصادر من مكة يأتيك خبر بكل هدوء أمانة العاصمة المقدسة: "6800" ذبيحة فاسدة ومتعفنة في إحدى الثلاجات المخالفة بمكة المكرمة.

نعم، يستمر مسلسل "هوامير اللحوم الفاسدة " في إغراق السوق باللحوم المنتهية الصلاحية التي تم اكتشاف عدد من الحالات خلال الأشهر الماضية، تتراوح بين التلاعب بالصلاحيات وانتهاء الصلاحيات والتلاعب في تواريخ الإنتاج، وذبح لحوم الحمير والكلاب التي في الواقع كشفت حالات الفساد في المواد الغذائية والفوضى الاستهلاكية، وترك التجار على غاربهم لبيع اللحوم الفاسدة أو التي قاربت على انتهاء الصلاحية بحيث بيعت بالأطنان.

الفساد الذي يضرب المواد الغذائية ينتشر كالطاعون ينشر الأمراض، ويرفع حالات التسمم ويقتل أحيانا.

إنه الاستهتار بحياة الناس، بحيث يطول كل ما يمكن استهلاكه، يطول كل مستهلك، حتى الأطفال.

تجار الموت في كل مكان، جعلونا نترقب مفاجآتهم وتنوعها بازدياد عمليات الغش والفساد.

الذي يلفت في قضايا "هوامير اللحوم الفاسدة " هو طبيعة الأحكام التي تصدر بحق الفاسدين فهي غير رادعة ولم يصدر حتى الآن أي حكم بأي مخالفة لمواد استهلاكية تم تحويلها إلى القضاء، وحتى لو صدر حكم فهو لا يعدّ مكلفا لا معنويا ولا ماديا بالنسبة إلى المخالفين.

إن الأحكام القضائية التي تصدر بحق المخالفين أقصاها إغلاق محل لمدة قصيرة، أو دفع غرامة ويمكن ملاحظة أن الفاسدين لا يواجهون أية أحكام ثقيلة العيار ليتوقفوا عن فسادهم، أو ليكونوا عبرة لغيرهم، وذلك على الرغم من أن الفساد في سلامة الغذاء هو جريمة حقيقية تمس بحق المواطنين وسلامتهم.

كما أن الغرامات ضد من يسوّق مواد غذائية ولحوم فاسدة لا تصل إلى حدود العقاب، في حين أنه منذ سنوات حتى الآن، وعلى الرغم من تزايد الحالات فإن أيا من المتهمين في هذه القضايا لم يُسجن.

ليظل المستهلك هو الحلقة الأضعف في استهداف صحته وحياته من خلال بيع وتمرير الأغذية الفاسدة إلى السوق المحلية التي تشكل اللحوم جزءا كبيرا من سلسلة الفساد تلك، وتمتد السلسلة في ظل غياب رقابة حقيقية وإصرار المسؤولين على عدم إقرار قانون صارم فيما يتعلق بسلامة الغذاء، وحتى ذلك الوقت سيظل المستهلكون غارقون في بحور من اللحوم الفاسدة والضمائر العفنة.