هل تذكر آخر مرة قضيت فيها دقائق متتالية دون أن تفعل أو تفكر في أي شيء؟ نعم "لا تقوم بشيء"! يبدو أنك من الغالب الأعم ممن يعتقد أنه يجب أن يقضي جلّ وقته إما في عمل أو ترفيه أو تفكير لا ينتهي.
أيها الأصدقاء.. هل يعقل أننا نهتم بطعامنا وشرابنا، ونحرص على أناقة ملابسنا، ونجوّد بيئة حياتنا دون أن نلتفت ولو للحظات خاطفة إلى رأسمالنا الحقيقي، عقولنا التي تكدح نهارا وتستمر بالتفكير والتحليل ليلا ونحن نيام!
بالطبع أن تقضي عشر دقائق دون أن تفكر بشيء أمر ليس بالسهل إطلاقا، ويحتاج الكثير من الهدوء والتدريب على الخروج من الحالة النفسية والظروف المحيطة إلى ما يطلق عليه بحالة "التأمل"، والتي تصل إليها بعد مرات متتالية من التجربة والإصرار. المشكلة هنا أن البعض يعتقد أن مجرد "الاسترخاء" الجسدي يعني أنك قد أرحت ذهنك من همومه وأبعدته قليلا عن واقعك، بينما أنك فقط جعلت ذهنك يعمل دون إزعاج أو ضوضاء! فكأنك لم تفعل شيئا.
هذه الحالة من "التأمل" العقلي تقود في النهاية لأن تقدر كثيرا ما أنت فيه من نعمة وصحة وخير، فالكثير منا ومع ضغط الحياة وتسارع المتطلبات يفقد البوصلة، وقد يصاب بشيء من التعاسة غير المسببّة وكثير من التشتت الذهني، ويمسي حاضر الجسد دون العقل، فلم لا نمنح عقولنا مساحة زمنية نرفع الحرج فيها عن عواطفنا، ونخفف الضغط النفسي على قلوبنا، فالعقل كما المنشار يزداد حدة وفعالية متى ما شحذته.
فقط حاول الهروب من كل شيء لمدة عشر دقائق – على الأقل - كل يوم، واختر الوقت الذي يناسبك فأنت أعرف بهوى نفسك. وثق أنك سوف تجد هذه الخلوة قد أضحت طقسا يوميا لا يتم يومك إلا بها.. فقط حاول.. وأنت الحكم.