رسمت الحقائق في ذاكرة الشعب السعودي صورا مضيئة لقيادتها. حقائق تنطلق من قيمة وفاء عالية جبلت عليها هذه القيادة. كيف لا وهي قد استقتها وتعلمتها من مدرسة عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود.
فحين سارت القيادة السعودية على هذا المبدأ بتجل ظاهر لكل من ينتمي إلى هذه البلاد الطاهرة، لم يكن غريبا أن يكون خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، عنوانا حاضرا لهذا الوفاء والقدرة على التفاعل بإيجابية مع الآخرين. تجلى ذلك حينما مزج الشأن الإنساني بالقيادة العالية القيمة في ظل تعاليم استقاها من طموح بلد عرفت التراحم والتوازن والتكافل. حتى في أوقات الشدة، ولم يكتف بذلك بل كان الرجل المثقف الذي تجد متسعا من العلم والفكر والقدرة على الحوار حينما تستمع إليه.
صورة سلمان بن عبدالعزيز وهو يستعرض المعلومة ويقدم الفكرة ويختمها بالنصيحة المغلفة بكثير من الود والاحترام، أبهرت كثيرا من رجال الإعلام، وأخص الصحفيين والكتّاب من بينهم. ومن واقع خبرة صحفية لنحو ثلاثة عقود عرفت كثيرين ممن تحدثوا عن ملاحظات إعلامية معلوماتية أبداها لهم الملك المثقف، الغرض منها تصحيح معلومة أو تقديم إضافة مفيدة للشأن المطروح، لم يكن الأمر خاصا بالصحافة السعودية، بل عرفت الصحافة العربية سلمان بن عبدالعزيز المحاور المتمكن، القارئ الجيد للتاريخ، الملم بمعلوماته وأبعاده. لذا كانت علاقته بكثير من رجال الإعلام والكتاب متواصلة يحكمها الفكر والفائدة.
فيما يخص كاتب هذه السطور فقد شرفت بحضور عدة مناسبات عامة كان متحدثها الرئيس خادم الحرمين الشريفين، وكانت كلماته وتوجيهاته تنبئ عن فهم شامل لما يدور في الشأن المجتمعي كله، وبلا شك إن ما يخص الشباب والرياضة وما يجب أن يكون عليه الإعلام ومسيريه ضمن توجيهات القائد الكبير.
ولعلي هنا أتذكر قصة تستعصي على النسيان، إذ كنت مع الزميل القدير بدر الخريف في جريدة الشرق الأوسط وهو الكاتب في التاريخ وفجأة كان اتصال للزميل وكان المتحدث من الطرف الآخر الأمير سلمان بن عبدالعزيز آنذاك، ودار الحوار حول موضوع كان قد نشره الزميل في اليوم نفسه عن "اليمامة وحروب الردة". وعلمت أن الأمير المثقف أبدى رأيه في بعض المعلومات، وصحح بعض كلمات وفق رأي المؤرخ الخبير كما قال الزميل الخريف، الذي شدد بعد انتهاء المكالمة على أن من أطلق على الأمير سلمان لقب "المرجعية التاريخية والمؤرخ الأول" كان محقا في ذلك.
نقول إنه حينما تمتزج الثقافة العالية بالقيادة الحكيمة في رجل واحد، فإن تفاؤلا بمستقبل مشرق لهذه البلاد هو الحاضر، فضلا عن أن الملك سلمان بن عبدالعزيز، عرفه الجميع داخليا وخارجيا كأحد الرموز الوطنية التي كرست نفسها للبناء والتنمية. رجل رسخ الوفاء في كل من عملوا معه، من خلال تبنيه هذا المبدأ العالي القيمة لكل ما من شأنه رفعة بلاده وشأن العرب والمسلمين. لذا لم يكن غريبا أن يكون الملك المفكر القائد الذي نتفاءل كثيرا بقيادته لبلادنا.