لا أتمنى تحويل الحديث عن أداء الهيئة العامة للاستثمار إلى سجال مستمر، ولكن إجابة الهيئة المنشورة في جريدة الوطن يوم 1431/10/20، والتي كانت جواباً على مقالي المنشور يوم الأحد 2010/10/17م، والمعنون "هيئة الاستثمار: كلام لابد منه". حفزتني للكتابة، وإذ أشكر الهيئة على ردها، وكان رداً لا يمكن أن يوصف إلا بالمهذب، إلا أنه مازالت لديّ ملاحظات، ألخصها فيما يلي:-
• في معرض ردها حول إنشاء ما سمي بالمدن الاقتصادية، أو المعرفية، فقد أكدت الهيئة أن إقرار إنشاء تلك المدن قد تم من قبل المجلس الاقتصادي الأعلى، في حين أن المعلومات المتوافرة عن ذلك، هي أن المجلس الاقتصادي الأعلى قد بارك، ورحب بالفكرة من حيث المبدأ، طالما أنها مبادرة من القطاع الخاص، ولا تتطلب أي تمويل حكومي. وهنا من حقنا جميعاً أن نتساءل، وفي ظل مقابلة معالي محافظ الهيئة العامة للاستثمار حول التحديات التي تواجهها تلك المشاريع، فهل إقحام المجلس الاقتصادي الأعلى، بالحديث عن إقراره لتلك المشاريع، بدلاً من مباركته فقط، هي مقدمة لتحميل المجلس الاقتصادي الأعلى، ومن خلفه الحكومة، مسؤولية أية إخفاقات؟ أو نقص تمويل لتلك المشاريع؟ وهل الحديث عن موافقة سابقة، مزعومة، مقدمة لتوريط الحكومة بتحمل أعباء، كانت، ويجب أن تبقى مسؤولية القطاع الخاص؟
أما تسمية تلك المشاريع بأنها مبادرات استثمارية كبرى، تختلف عن مشاريع التطوير العقاري، فذلك تلاعب بالمسميات، والحجم فقط، فالتطوير العقاري التقليدي يقتصر على مخطط واحد، مع بعض البنى التحتية، أما المدن الاقتصادية، فكل ما نشر يدل على أنها مشاريع عقارية، ولكن على نطاق أكبر، أما تخصيص أجزاء منها لأنشطة صناعية، أو طبية... فكل ذلك سيخضع لمقارنة المستثمرين لكلفة الإيجارات، مع البدائل الأخرى لتلك المدن، وسيكون ذلك هو الدافع لقدوم مستثمر إليها، أو إلى غيرها من المواقع داخل المملكة، أو باقي دول الخليج، أو باقي دول العالم.
•الإجابة عن معوقات الاستثمار كانت مختصرة، وغير مفيدة، والحديث عن توقيع اتفاقيات مع جهات حكومية، قد يقبل على أنه وضع إطار للعمل، ولكن هل حلت المعوقات فعلاً؟ المطلوب عمل دراسة، ومعها استطلاعات لآراء المستثمرين، من سعودين وأجانب، والتعرف على ما عولج من المعوقات الـ (106)، وكم استجد منها؟ ثم نشر تلك النتائج. وباختصار فقضايا المعوقات يجب أن تحظى بالأولوية، على غيرها من الأنشطة.
• صحيح أن نشاط الترويج هو جزء من عمل الهيئة، مكمل لنشاط معالجة المعوقات، ولكن المستثمرين سيأتون في كل الحالات، متى ما تحسنت بيئة الاستثمار، أما نشاط الترويج وحده، فهو شبيه بالمثل الأجنبي الذي يقول "إنه مثل وضع ورق الزينة على الجدران، لإخفاء الشقوق".
• أما قضايا مزاحمة الأجانب للسعوديين، بسبب التوسع في التراخيص للأجانب لأنشطة هامشية، فقد كنت صادقاً عندما قلت إن القرار قد اتخذ في الدورتين الأوليين لمجلس إدارة الهيئة، وبمشاركة تسعة مسؤولين حكوميين، ولكن واقع الأمر هو أن ذلك القرار، الذي نبع من الرغبة في القضاء على ظاهرة التستر، قد أفرز مشكلة أكبر ضرراً، والأحرى بالهيئة اليوم أن تركز على معالجة سلبيات ذلك القرار، بدلاً من تجاهلها، أو تقليل أثرها.