كشف خبراء ومتخصصون اقتصاديون أن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية دفعت العديد من الحكومات إلى إطلاق حزمة من الخطط التي تمكنها من التجاوز إلى بر الأمان، مشيرين إلى أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لم تأل جهدا في تعزيز اقتصادها ليكون في منأى عن المؤثرات والمتغيرات الاقتصادية الدولية بكل قطاعاته عبر تحقيق موازنات قياسية استثمرت في إطلاق مشاريع تنموية وبنى تحتية يجنبها التعثر في الإنفاق فيما ادخر فائضها بشكل يؤمن المملكة عبر وضع خطط بديلة لمواجهة أي تحدّ طارئ.

واعتبر نائب رئيس اللجنة الصناعية في غرفة الشرقية عبدالله الصانع أن أهم العقبات التي يمكن تجاوزها في تنفيذ المشاريع هي القضاء على البيروقراطية والقرارات المجحفة للمقاولين الذين يعانون من نقص الكوادر البشرية والكفاءات العمالية بالمملكة، ويلزم هذا إعطاء فرص استقدام عمالة مدربة وإنشاء معاهد متخصصة في تدريب الكوادر الوطنية على البناء والتشييد، مؤكدا أن الخطط التي توضع تخضع للتعديل وإعادة التكاليف في ظل انخفاض وارتفاع الأسعار، موضحا أن الوقت والسرعة في الإنجاز من أسباب تقدم الأمم والدول.

وقال الصانع إن المشاريع الاستثمارية التي يسهم فيها القطاع الخاص من أنجح المشاريع، حيث يحرص كل مستثمر على سرعة تسليم مشروعه حفاظا على سمعته وماله، مطالبا بفتح باب الاستثمار للأجانب وتوفير الضمانات الكاملة وتنفيذ المرسوم الملكي المنظم للاستثمار الأجنبي والالتزام بكل ضماناته، وسيعطي هذا علامات إيجابية، ومنها سرعة إنجاز المشاريع التنموية للبنية التحتية وغيرها.

فيما يؤكد الخبير الاقتصادي علي العمري أن جملة من المشاريع التي تم تخصيص موازنات عالية لها لم يتم إنجازها في الوقت المحدد، وأرجع تأخير استلامها إلى عوامل عدة، منها عدم توافر إحصاءات لدى الجهات المختصة وإغفال مراقبة البلديات والأمانات لها وتأخر استلام أصحاب المقاولات المبالغ التي تم الاتفاق عليها، وضعف مبادرات التنفيذ بسبب نقص الكوادر المؤهلة لها وترسية بعض المشاريع على شركات غير متخصصة، محملا تلك العوائق الإجرائية على الأنظمة التي يجب أن تسهل وتيسر عمل وجهد الدولة، فالتأخر ليس لعدم وجود مال، بل لضعف القيادات المراقبة لها.

ونصح العمري بإطلاق وزارة متخصصة يكون عملها الإشراف على تنفيذ المشاريع بكل القطاعات على أن تضم اقتصاديين ومحللين وخبراء، دورهم حل العقبات التي تواجه المشاريع بفصل الخلاف بين وزارة المالية والأجهزة الحكومية.

أمام ذلك أوصى عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض علي العثيم بضرورة وضع حلول لكيفية تجاوز مشكلة تأخر تنفيذ المشاريع بالمملكة، مشيرا إلى أن من بين الحلول الاستعانة بشركات متخصصة في إدارة المشاريع تقوم بتمثيل القطاع الحكومي، بحيث تدير تلك الشركات عمليات التنفيذ، بدءًا من دراسة المشروع بشكل واف ثم التخطيط لعملية التنفيذ وفق مهام وبنود وفترات زمنية وتدفق مالي محدد، بالإضافة إلى تأهيل المقاولين المتخصصين وفق البنود والشروط والمواصفات المطلوبة والأسعار المناسبة قبل طرح المشروع في منافسة عامة، أيضاً لا بد من تطوير آليات وإجراءات ترسية المشاريع الحكومية من قبل الجهات المستفيدة والجهات الممولة، بالإضافة إلى منح الجهات الرقابية صلاحيات أكبر للرقابة والمتابعة بحزم لإنجاز هذه المشاريع، إلى جانب منع العقود من الباطن والتأكد من قدرة المقاولين على تنفيذ عدد معين من المشاريع في نفس الوقت، وفرض غرامات وجزاءات صارمة من شأنها حث المقاولين على إنجاز المشاريع في الفترات الزمنية المحددة لها مع منح حوافز للمقاولين المنفذين للمشاريع قبل الموعد المقرر للتسليم، وإضافة مواد إلزامية بنظام المشتريات الحكومية لحفظ حقوق أطراف المشروع، كذلك من المهم العمل على تدريب الكوادر البشرية العاملة في إدارات المشاريع بالجهات الحكومية.

من جهته استبعد الاقتصادي علي القحطاني أن تنجح الخطط التنموية بدون خطة محددة للحاجات، مضيفا أن ما نسبته 20 % إلى 30% من المشاريع التي لم يتم إنجازها في مواعيدها فشلت لعدم الاعتناء بالعاملين فيها وقله الأعداد المكلفة ومضاعفة الأعمال الموكلة إليهم ممن تسبب في إنجازات سريعة غير مكتملة وضعيفة، ومن جهة أخرى لا بد أن يخضع مديرو المشاريع للتدريب على استخدام المعطيات الزمنية ووضع مهام وخطط سير العمل والتكلفة الفعلية له مع ضرورة توفير العمالة اللازمة.

ويرى أن تخطيط المشاريع وحده من أهم الخطوات التي ينبغي الاعتناء بها، حيث إن المشاريع لا تسير بتوجيهات ذاتية بل بعمل جماعي مدروس.

في مقابل ذلك أكدت أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتوره كارولين هاشمي أن أحد عوامل نجاح المشاريع يتضمن اختيار فريق العمل ومراقبة التطورات التي قد تطرأ والتغيرات الكيفية لأداء العاملين مع مراقبة التفاعلات التي قد تظهر خلال التنفيذ ويلزم بالضرورة مراقبة الأساليب القياسية التي تم وضعها وتختص بتكامل خطوط إبقاء المشروع ناجحا ومستمرا.

وأضافت كارولين: يكمن نجاح أي مشروع في اعتماد العمل حسب الموازنة والبرنامج الزمني والموارد المختلفة له والتنسيق بين الإدارات والجهات المعنية به وتشييد أهداف مضمونة ووضع خطط جزئية وتفصيلية قبل الاندماج في أي مشروع على أن تتم موافقة خطية لكل العاملين فيه.