انطوت صفحة من أجمل الصفحات الجميلة في حياة بلادنا المباركة، وغاب عنا وجه محبوب طالما تعودنا على رؤية محياه، وأحببنا طلعته البهية، وعاشت بلادنا الأيام الماضية ومن كل طرف فيها حزنا فريدا من نوعه على رحيل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ـ رحمه الله تعالى ـ الذي ودعنا مع فراقه شيئا كبيرا من النبل والصدق والرجولة والوقار والهيبة والشجاعة والعفوية.. على المستوى الداخلي لا يمكن للمنصف أن ينكر زعامة الراحل الكبير، وريادته في التغييرات الإصلاحية الكبيرة التي لمسها كل مواطن ومقيم وزائر لهذه البلاد، وعلى المستوى الخارجي يعرف الكل كم كان المرحوم النبيل قويا في الوقوف مع الطيبين والخيرين والصادقين، والوقوف القوي كذلك ضد المرجفين والمخربين، وسيكتب التاريخ كثيرا عن الراحل الكبير، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه عن مساعيه كل خير ومثوبة.
بسلاسة تعودنا عليها ـ بحمد الله تعالى ـ انتقلت مقاليد السلطة إلى يد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، أيده الله تعالى، وبايعه أهل الحل والعقد في البلاد، كما بايعوا ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز وفقه الله، وبايعوا ولي ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز حفظه الله تعالى. هذه السلاسة المتناهية فيها ما فيها من الطمأنينة البالغة التي شعر بها المواطنون، لا بل والعالم كله، وفيها كذلك ما فيها من الرد على الحاقدين ودعاة الفتنة والمتربصين بالبلاد من الداخل والخارج في آن واحد.
اليوم لا أقول إننا سنبدأ حياة أو صفحة جديدة في مسيرتنا المباركة، بل أقول إننا سنكمل ونتمم المسيرة التي بدأها مؤسس هذه البلاد، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، وعقبه المباركون من بعده الملوك، سعود، وفيصل، وخالد، وفهد، وعبدالله ـ رحمهم الله تعالى أجمعين ـ، مسيرة متفق عليها داخليا وخارجيا، ولن تكون هناك ـ بأمر الله تعالى ـ صعوبات أو انقسامات إلا في هواجس من لا يريد بالبلاد خيرا.. المملكة ستسير ـ بقدرة الله تعالى ـ تحت راية الملك سلمان، وهو من هو في حسمه المعروف عنه، والذي تجدد بشكل واضح في الأوامر الملكية التي تلت الإعلان الحزين للرحيل الكبير، وهو المعروف بذكائه المتوهج، وقوة ذاكرته، وتقديره للوقت، وانتظامه في العمل، وتنوعه المعرفي، وحبه للاطلاع، وتبحره في التاريخ، وستسير المملكة ـ بعون الله تعالى ـ على خير ما يرام، وبما يستحقه من أكرمهم الله ـ سبحانه وتعالى ـ بخدمة بيته الحرام، ومثوى نبيه ـ عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام ـ .. القافلة ستسير، ولن نخشى شيئا طالما كنا جميعا على قلب رجل واحد؛ نحب حاكمنا ويحبنا حاكمنا، نعين حاكمنا ويعيننا حاكمنا الذي نجدد بيعته وولي عهده، وولي ولي عهده على السمع والطاعة، وعلى ما أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.