أثارت صور "طفلات" بريدة وهن يؤدين حركات طفولية على مسرح برنامج ترفيهي نزعة جنسية بحتة لدى أولئك المصابين بحمى الفتنة. وهو موضوع شكل جدلا قويا ولم يخل من ظرافة وتعقيد في الوقت نفسه.

ما تبناه المنشغلون بالصورة ووصفهن بأنهن مثار فتنة، وعورات، حتى إن البعض يرى أنه لا يجب الزواج منهن بمعنى معاقبتهن بأثر رجعي على ممارستهن طفولتهن إن كان بالرقص البريء أو بارتداء ملابس تناسب مرحلتهن العمرية.

المنشغلون بأن كل طفلة ليست إلا مشروع عورة تثيرهم وتفتنهم يجب أن نقول لهم وبصوت عال أنتم من عليكم أن تضبطوا غرائزكم المتوحشة وليس علينا أن نختطف حياة وبهجة فتيات صغيرات لأجل قلوبكم المريضة. إن كل اعتداء لفظي طال كل طفلة تمثل طفولتها وطفولة فتيات شعب بأكمله هو اعتداء مرفوض ويستفز مشاعرنا وقيمنا.

كثيراً ما يتم التساهل مع مثل هذه التفاصيل حينما نسمح لمثل هذه الأفكار بالظهور وتقبلها، فنحن بهذا نغذي ثقافة هابطة ندمر بها شعاراتنا الدينية التي لا يكون للدين فيها إلا مساحة ضئيلة حين يتعلق الأمر بالأنثى امرأة كانت أو طفلة. بل ونسهم في تسيد الجهل بجعله ظاهرة مقبولة.

إن الرجل الذي قام بتصوير الفتيات وهن يؤدين الفقرة الخاصة بهن على المسرح لا يقل فداحة ما قام به عن كل من نالوا من الطفلات ومن براءتهن بأقذر الأفكار. فمن الواضح من طريقة التصوير النوايا التي كان يضمرها ليستخرج أسوأ ما لدى مرضى النفوس من روح متطرفة لأشخاص حولوا مرح الطفولة إلى فتنة وجحيم.

أي خبير بالتصوير يستطيع أن يفهم أهم ما في الصورة التي تم تداولها من حيث الفكرة ومن حيث طريقة الالتقاط. أن يلتقط المصور مشهد الأداء للفتيات من منطقة منخفضة عن مستوى المسرح والجسد فبالتأكيد لم يكن الهدف هو توثيق المشهد بقدر ما كان الهدف هو توثيق أن لديهن سيقانا ستسبب الفتنة ومن ثم بثها عبر مواقع التواصل لاستدعاء نفير الجمع من الجهلاء الذين قذفوا الفتيات وأسرهن بأسوأ الألفاظ.

تلك الهجمة على براءة الفتيات أثبتت أن لدينا الكثيرين المسكونين بالانحرافات في وضع الكمون. لست ضد أن يلتزمن الفتيات منذ صغرهن بالاحتشام، بل ضد مهاجمة الطفلة ودفعها إلى التأزم والشعور بأنها آثمة وكره الجسد والخوف من أن تكون طفلة تلقائية وعفوية، ضد أن نجعل الجهل والقبح يزداد.

لهذا وجب بناء ثقافة رافضة للعنف الفكري ضد كل طفلة، رفض الثقافة الدونية للمرأة، فكن أنت حكما على ما ترى وما تسمع فالمؤمن له بصيرة يهتدي بها? ويميز بين الغث والسمين، والحق والباطل. ولا بد من تصحيح مجموعة من الأفكار التي تروج في المجتمع وعدم نشر كل ما يمس الطفولة. فعذرا للطفولة وعذرا لكل (طفلات بريدة).