انطلقت أمس أولى جلسات الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله من عين التينة، برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري وحضوره، بعد أن وصف الحوار بأنه "عيدية" للشعب اللبناني، في إطار السعي إلى كسر الجليد، وفق قاعدتين أساسيتين تتمحوران حول ضرورة العمل على خفض منسوب الاحتقان السني الشيعي، ووجوب السعي الفاعل إلى انتخاب رئيس للجمهورية.

ورغم المصاعب والمعوقات التي قد تعترض مسيرة الحوار، إلا أن محللين يرون أنه خطوة هامة، ولو من ناحية المبدأ، بغرض تغليب مساعي إيجاد الحلول السياسية، وإحداث اختراق في المواقف المتباعدة للطرفين، لا سيما بعد أن تزايدت حدة الشقاق بينهما، بعد تدخل حزب الله عسكريا في الشأن السوري، وإرسال ميليشياته للقتال إلى جانب قوات الرئيس بشار الأسد.

وعلى الرغم من التعتيم الإعلامي على ما دار في جلسة الأمس، وما سيدور في الجلسات اللاحقة، إلا أن نبرة التفاؤل تبقى هي الأعلى، بعد تسليم المعسكرين بأنه لا سبيل عن جلوسهما إلى طاولة التفاوض، وقناعتهما بأن الأخطار الخارجية التي تحدق بلبنان قد تعصف بوجوده، وتكبله عن السير في ركب الدول المستقرة، إذا لم يذعنا للمصلحة الوطنية، التي تقتضي وضع الخلافات الحزبية والسياسية جانبا، والسعي إلى إعادة اللحمة بين أبناء الوطن الواحد، بغض النظر عن أديانهم ومذاهبهم.

ويبدو أن أولى ثمار الحوار بين الفريقين قد بدأت في الظهور مبكرا، وتمثل ذلك في تصريحات أمين عام حزب الله نعيم قاسم، الذي قال لدى استقباله وفدا من أهالي العسكريين المختطفين، إنه يؤيد رسميا مبدأ التفاوض مع المختطفين، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وإن حزب الله لن يعيق أي إجراء توافق عليه الحكومة، حتى ولو كان ضمن مبدأ المقايضة.

وكان الحزب قد أشار مرات عدة إلى رفضه مقايضة المختطفين بمعتقلين إسلاميين، زاعما أن ذلك "يضعف من هيبة الدولة، ويجهض جهود مقاومة الإرهاب"، مما أدى إلى عرقلة الكثير من الجهود، وهو الموقف الذي تندر عليه سياسيون آخرون، لا سيما بعد أن دخل الحزب في مفاوضات مباشرة مع قيادات في تنظيم جبهة النصرة، ووافق على دفع فدية وإطلاق سراح بعض العناصر التابعة للتنظيم، مقابل الإفراج عن عنصره عماد عياد، وهو ما عُد تناقضا بين المواقف المعلنة والأفعال الحقيقية.

وكان ملف المخطوفين قد شهد أول من أمس نشاطا ملحوظا، وذلك بعد دخول نائب رئيس بلدية عرسال أحمد الفليطي على خط الوساطة بين الحكومة والخاطفين، إذ التقى قادة في تنظيم الدولة "داعش"، وحمل مطالب محددة للحكومة، ما زال في انتظار الرد عليها. وألمح إلى أن المتشددين ربما أفرجوا عن بعض الجنود، كبادرة حسن نوايا. كما وعد رئيس بلدية عرسال علي الحجيري أهالي المختطفين "بأن يسمعوا أخبارا سارة خلال الأيام القليلة المقبلة"، مؤكدا تقدم وساطة نائبه الفليطي.

من جانبه، شدد مدير الأمن العام، اللواء عباس إبراهيم من بعلبك على أن ملف العسكريين المخطوفين هو ملف وطني وليست له أي صبغة مناطقية أو طائفية. مؤكدا أن الدولة تبذل كل جهودها لإيجاد حلول مرضية للجميع.