لم نتعلم من الرياضة الانضباط وسعة الأفق والصبر والروية، لم نتعلم منها التفكير ضمن فريق، لم نأخذ بوقعها الجميل لكي تشكل جزءا مهما من ثقافتنا ومعيشتنا، لم ندرك كم هي إيجابية عظيمة حينما تمنحنا الفرح المرتبط بالتقدم والانتصار!
نحن هنا في السعودية نحب الرياضة خاصة تلك التي تحمل الطابع التنافسي المرتبطة بكرة القدم، بل إنها تستهلك كثيرا من أوقاتنا وأحاديثنا ومشاعرنا، لكن ماذا عملنا لنجعل تلك الأحاديث سعيدة، الحقيقة أننا لم نفعل؟ لأننا بكل أسف جعلناها موقعا للإداريين الفاشلين الذين استقوا تقييمها وتقويمها من أحاديث التافهين من أولئك الذين تسابقوا على منابر الإعلام ليعيثوا فيها فسادا مما أوجع رياضتنا وزادها تراجعا وألما، همهم الانتصار لما يريدونه وسلاحهم سوء النية والكيد والبحث عن ما يثير الجماهير من تلك غير المدركة لماهية الإخفاق وأين يقع؟ فقط تسجيل نقاط مستهلكة تعايش الظرف، وتحول الاهتمام نحو وجهة مختلفة بعيدة عن المسؤولين الحقيقيين عن تراجع الرياضة ليزيدوا الأمر وجعا يفعلون ذلك، لأن أمر التراجع أكبر بكثير مما يرددون بل أكبر من أن يستوعبه تفكيرهم.
لم نسأل أنفسنا هل تجاهلت وزارة التربية والتعليم أم قصرت وزارتا المالية والتخطيط؟ أم أن التطوير والرقي كان أكبر من أن تستوعبه الرئاسة العامة لرعاية الشباب قيادة وموظفين؟. ما بالنا ندور في حلقة مفرغة، نستجدي الإسقاطات المضرة عن أسباب إخفاق رياضتنا حتى بتنا بلد المليون "مُنظِّر"! وكل منهم لا يفكر أبعد من أرنبة أنفه، رغم أن الانحطاط قد بدأ منذ نحو العقد ونصف العقد، لكن لأن أمدنا قصير وتفكير منظرينا محدود فلا بد أن نسترجع عدم قبول الآخر لنضعه في محل اللوم، ولا بأس أن حمّلنا لاعبا أو مدربا أو حتى جالب الكور تبعية النكسة!
لنبتعد عنهم ولنعترف أن رياضتنا شهدت تراجعا كبيرا في الكم والكيف، فلا نتائج مفرحة، ولا حلول من القائمين عليها قد نجد في بعضها تفاؤلا، لذا كثر الاحتجاج وتعالت الاستفهامات، عمن المسؤول عن ذلك؟ نردد هذا السؤال وكل منّا يرمي بالتبعية على الآخر.. حتى باتت المؤسسة الرياضية محل استقبال لكل ما نعتقد أنه سبب، قد تكون كذلك، لكن ماذا عن عملنا العام تجاه الرياضة؟ ماذا عن تعاملنا معها؟ مؤسساتنا هيئاتنا ومشاريعنا التنموية، ناهيك عن الفكر العام وكيف يريد أن تكون رياضة بلاده؟!
المسألة أكبر من بعض منظرين بل إنها تنشد تدخل قادة هذه البلاد، فوالله لو تعلمون كم يثير انتصار البلد من السعادة والرضا، وكم ينشر الحب ويسهم بالتقليل من أعباء الحياة، وكم تثير النشوة في النفس البشرية، بل إن الشعور بالانتصار سيقلل من الوقوع في الجريمة في المجتمع ويرفع من الاقتصاد ويخلق الفرص الاستثمارية والربحية بمعنى أنه سيسعد كل الجهات والمجتمع لأنه دليل على العمل المتكامل مما يلفت النظر إلينا أن لدينا متفوقين أسهمنا جميعا في إعدادهم، لو أدرك أصحاب الشأن ذلك لعجلوا بقراءتها من جديد ولوجدوا الحلول الناجعة لعلاجها.
وبعد هذا كله.. هل ننتظر لتتراجع الرياضة أكثر وما يصاحب ذلك من هدر لجهد ومال.. أم نعلن عن مشروع جديد لتطوير الرياضة كما هما المشروعان الملكيان الناجحان "مشروع الملك عبدالله" الخاصان بتطوير القضاء والتعليم؟ الرياضة تحتاج وتنتظر.