هل يمكن أن نتصور أن شركة متخصصة في صناعة إطارات السيارات تصدر سنوياً دليلاً لتقييم المطاعم! بل إنه يكاد يكون التقييم الأكثر احتراماً وتقديراً بالعالم!

هذا بالفعل ما يمثله اليوم دليل "ميشلان Michelin "، الذي يصدر عن "إطارات ميشلان" الفرنسية، لكن ما علاقة الإطارات بالمطاعم؟ تعود القصة الطريفة إلى بدايات مصنع "ميشلان" للإطارات عام 1889، إذ فكر مالكا المصنع الأخوان "إدوارد وأندريه ميشلان" بضرورة تقديم معلومات تعين السائقين على التنقل ومواجهة أعطال السيارة، خصوصاً وأن السيارة كوسيلة نقل كانت لا تزال في بواكيرها، وهكذا صدرت النسخة الأولى من الدليل عام 1900 وكان يحتوي خرائط ومعلومات منوّعة حول الطرق والاستراحات والفنادق والمطاعم.

نجح الدليل كونه كان الأول والأكثر احترافية وموثوقية، وبالذات بعد أن أصبح دليلاً يباع، إذ كان يوزع مجاناً على ورش السيارات ووكلاء المبيعات، غير "أندريه" لاحظ أن بعض موزعي الإطارات يستخدمون الدليل لإسناد الطاولات بدلاً من توزيعه، وقال جملته الشهيرة: "الإنسان لا يحترم بالفعل إلا ما دفع ثمنه" وبالفعل حُدد سعر الدليل بسبع فرنكات فرنسية.

وخلال أربع سنوات فقط ظهرت أول نسخة خارج فرنسا، وتوالت بعد ذلك النسخ وبمختلف اللغات، والجميل في الأمر أن الدليل اعتمد منذ بدايته على لغة الرموز البصرية، وربطها بشخصية الرجل المطاطي "بيبندوم" وهو الشعار التسويقي لإطارات ميشلان. وهكذا تطوّر الدليل وتوسع، وصار مشروعاً منفصلاً عن مصانع الإطارات، ولا يشترك معها سوى في الهوية التجارية والملكية، ورغم أنه صدر في بدايته باللون الأزرق، إلا أنه ومنذ الثلاثينات تحول إلى الغلاف الأحمر الذي اشتهر به، وظهر منه دليل أخضر للرحلات، وآخر للفنادق.

المثير في الأمر أن الدليل ابتكر أسلوباً لتقييم المطاعم، ففي عام 1926 ظهرت أول نجمة تقييم، ثم ظهرت الثانية والثالثة، وهذا ما سوف نتحدث عنه في المقال القادم بإذن الله.