يقول الشاعر العربي المعروف (أمل دنقل) في إحدى قصائده: "سيزيف لم تعد على أكتافه الصخرة"، مقتبسا اسم سيزيف المذكور في الأسطورة الإغريقية، ومعاناته الأبدية وصراعه العبثي مع صخرته التي قضى ما تبقى من حياته في حملها من أسفل الجبل حتى قمته.

ويبدو أن هذه الصخرة انتقلت من أكتاف سيزيف إلى أكتاف المنتخب السعودي وجماهيره، حيث صار صراع منتخبنا مع البطولات عبثا سيزيفيا مريرا لا نهاية له.

واهم من يظن أن هذه المعاناة السيزيفية مع البطولات هي وليدة اللحظة أو بسبب تخاذل لاعب أو حارس أو حصيلة خطة مدرب مغمور، لا وألف لا، فما يعانيه هذا المنتخب هو نتاج سنوات طويلة من العمل غير المدروس، نتيجة تطبيق احتراف مبتدع لا يمت للاحتراف بصلة.

كان المنتخب السعودي يعتمد بشكل كبير على الأندية الكبيرة التي كانت تضخ عليه المواهب بشكل دائم ومستمر ولكن هذه الأندية ومع تطبيق احتراف مقلوب صارت بنيتها التحتية هشة ومتهالكة غير قادرة على صناعة موهبة واحدة ومنذ الصغر.

فصار من اليسير على فريق حارة أن يقدم للمنتخب (صانع لعب) عجزت الأندية كلها عن تقديم شبيه له، وهذا يفسر حالة الانقلاب في المفاهيم التي جعلت الأندية عاجزة كل العجز عن الإنتاج، معتقدة بأن الاستعانة باللاعب الجاهز هو منتهى الاحتراف وميزته الأسمى.

الأندية مديونة وعاجزة وذات بنى تحتية هشة، وإدارات الأندية كسولة ولا تملك الصبر في سبيل صقل المواهب، ويعتقدون بأن الأندية القاطنة في قرى نائية لا تصلها خدمات الكهرباء والماء ستفي بالغرض وستجلب لهم المواهب.

ومقارنة بسيطة بين ما يقدمه الآن الهلال والشباب والنصر والاتحاد والأهلي للمنتخب من نجوم وبين ما كانوا يقدمونه في مطلع التسعينات تعطيك مؤشرا واضحا لمدى التدهور في كرتنا المحلية.

سوف يتذاكى أحدهم ويقول إن استقطاب اللاعب الجاهز هو ما يميز الأندية الأوروبية، ونحن بدورنا نقول إن الأندية الأوروبية تستقطب مهاجم منتخب البرازيل، وكابتن منتخب الأرجنتين، ومدافع منتخب البرتغال، وظهير منتخب إيطاليا، ومحور منتخب إنجلترا ولكن الهلال والنصر والشباب والاتحاد من يستقطبون؟

هذه الأندية لا تستقطب سوى لاعبي أندية قرى نائية لا تملك أبسط الإمكانات ولا تحقق أدنى المعايير الفنية والتدريبية، وهذا بدوره انعكس على مستوى المنتخب الوطني، الذي صار يعاني مع منتخبات بسيطة وستستمر معاناته حتى تحل مشاكل الأندية بشكل جذري.

هذا الضعف الفني سينعكس على الشارع الذي سيفقد ثقته في منتخبه ومن يدير منتخبه وسيكون في المستقبل أداة يحركها الإعلام المحسوب على الأندية الذي صار هو بدوره يحارب المنتخب ونجومه.