الثقافة ليست إخوانيات شعرية وشعورية ولا بكائيات وليست شعرا ورواية وقصة وتنظيرات، ليست صفحات تجيد الرثاء ولا محاضرات لا يحضرها أحد، ليست مقالات تجريدية لأشباه متعلمين ولا مشاريع فكرية في الخيال، ليست معارك ولا مهادنات، ليست مديحا ولا هجاء، ليست فعاليات ومهرجانات فلكلورية، ليست نقدا ولا سجالا، ليست أسابيع ثقافية ولا دعوات رسمية، ليست قنوات بلا روح ومقابلات بلا فائدة، ليست رموزا احتفائية وأهرامات ورقية، لا تتحرك من عقد وتنطلق لأوهام، ليست دوريات ومطبوعات وإصدارات ودور نشر، ليست مراكز شباب ونقابات واتحادات وأندية ولا إشادات وتبادل منافع وحفلات توقيع ومعارض كتب، ليست تراكما وبواكير نهضة ومطابع وأوائل المتعلمين، ليست مؤسسات وليست أفرادا ولا ظواهر ولا انكسارات مجتمع ولا خيبات مثقفين، ليست صدمات مفاجئة ولا زلازل فكرية، ليست كتابة وليست محوا، وليست كشفا ولا تمويها، ليست معرفة ولا جهلا، رغم تعريفاتها الكثيرة إلا أنها مازالت غامضة ومستترة، مربكة ومرتبكة، وعاء ولغة وطريقة تفكير وكتابة وتناولا، إنها الحيرة الجميلة اللذيذة التي استهلكت منا كثيرا، حاولنا حصرها وتأطيرها وربطها، لكننا في كل مرة نفشل بشكل ذريع، نفشل ويسهم فشلنا في كل مرة في زيادة شغفنا، ليست الثقافة تنويرا وليست تجهيلا ولا بين بين، ليست الثقافة برستيجا وليست ضرورة، ليست شيئا ثانويا وليست أساسا، ليست يقينا وليست وهما، ليست قراءات ولا كتابة، ليست تنميطا وإذابة، ليست توحيدا أو اختلافا، ليست تباينا أو اتفاقا، هي شيء من كل شيء، خليط من أوهام كثيرة وجميلة.