دخل العالم الإسلامي منذ أحداث مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية مرحلة جديدة من المواجه مع الغرب، فبعد أن واجه لأكثر من أربعة عشر عاما تشككا ممنهجا من قبل الحكومات الأميركية المتعاقبة. نتيجة أحداث سبتمبر اللعينة والعالم الإسلامي والمسلمون يدفعون ذنب ما اقترفه مجموعة من المرتزقة الذين يتاجرون باسم الدين لتحقيق مصالح سياسية وانقلابية تخدم أطرافا انكشف بعضها والبعض الآخر ما زال خافيا.

السؤال الذي يجب أن يطرح في مثل هذه الظروف هو: ما الجهة التي استفادت من الأحداث التي قام بها هؤلاء الهمج من جنود الخوارج وأحفاد الحشاشين؟

الجواب دون شك هو الغرب ذاته من استفاد، فبذريعة بسط الأمن وضمان الاستقرار تمكن من تحويل مجتمعه الديموقراطي الحر أولا ثم عالمنا المغلوب على أمره إلى أشبه ما يكون بمحجر تسيطر عليه العقلية الأمنية ومحاسبة الناس بالنوايا لا بالأفعال، وبالتالي فإن الحرب التي قد يعتقد البعض أنها موجهة للإسلام فقط قد تجاوزت إلى ما يمكن عدّه إعادة تفعيل للمنهج الأمني في حكم المجتمعات.

من يتابع وسائل الإعلام الغربية سيجد أن هناك تغييرا واضحا في منهجية وعقلية عمل تلك المؤسسات التي طالما ادعت أنها تحمي الحريات وتراقب الحكومات وتقوم بدورها الموضوعي بكل مهنية وتجرد، فقد أصبحت تخلق الأجواء المناسبة عبر طريقة تغطيتها للأحداث لتسهيل إصدار القرارات من قبل حكوماتها التي غالبا ستسلب من مواطنيها بعض الحقوق، فنجدهم يقومون بتضخيم المخاطر وتبرير الإجراءات ومباركة القرارات، وذلك باعتبار أن الحكومة تعمل من أجل حماية البشر والحريات، وهو نوع جديد من الدعاية أو البروباجندا على طريقة "جوزيف غوبلز" النازية.

ما يمز التفكير السياسي الغربي هو أنه يملك القدرة على تحويل التحديات والمشاكل إلى انتصارات وإنجازات، فعلى الرغم من أن ما حدث في باريس وقبلها في كل من نيويورك وواشنطن ولندن ومدريد من أعمال إرهابية إلا أن الغرب اليوم يعد أكثر سيطرة على واقعه الداخلي بعد أن كان قد حقق السيطرة المطلقة على عالمه الخارجي ومنه العربي والإسلامي.

فقط لنسأل: هل حالنا اليوم بعد القاعدة وداعش وباقي حشاشي العصر أفضل مما كنا عليه قبل عشرين عاما؟.

المنصف لن يجد صعوبة في الإجابة.