من يعتقد أن الهيمنة اليابانية على الكرة الآسيوية خلال العقدين الماضيين جاءت صدفة فهو لا شك مخطئ، ومن اعتقد أن الثبات للمنتخب الكوري الجنوبي قاريا ودوليا هو أيضا بدون تخطيط فهو لا جدال مخطئ، ومن لا يعتقد أن الكرة الهندية سوف تغزو القارة الآسيوية في العقدين المقبلين وفقا لبرامج التخطيط المعمول بها الآن فهو ليس مطلعا على ما يحدث هناك في كرة القدم.

نعم تلعب الصدفة أحيانا في نتائج كرة القدم، ويقوم الحظ في أحيان أخرى بأدوار في تحديد هوية البطل، ولكن الصدفة والحظ ليسا سببا للتفوق الدائم والاستمرارية والثبات، وإنما ذلك من مخرجات التخطيط في كرة القدم.

لقد خططت اليابان ووضعت الاستراتيجية لتزعم آسيا ووصلت، وهي الآن سيدة القارة الصفراء دون منازع وتليها كوريا الجنوبية التي هي أيضا وضعت التخطيط أساسا لعملها في مجال اللعبة، واليوم هناك دولة تعمل وفق تخطيط دقيق جدا وبرامج تسويقية وفنية وتنظيمية للدخول بقوة في مجال اللعبة الأكثر شعبية في العالم والثالثة محليا وهي جمهورية الهند.

نعم الهند اليوم تبحث عن مكان بارز في خارطة كرة القدم الآسيوية ولديها برامج وأنشطة وفقا لخطة استراتيجية طويلة بدأت منذ عام 2005 بالتعاون مع الاتحاد الآسيوي وبعض الاتحادات الوطنية مثل الاتحادين الإنجليزي والألماني، ويبدو أنها لن تتوقف حتى يعتلي المنتخب الهندي التصنيف الدولي في القارة الآسيوية في غضون العشرين سنة المقبلة.

الكثافة السكانية العالية والإبداع وحب المغامرة والإتقان والذكاء الفطري الموجود لدى الهنود من الأسباب الرئيسة التي تقود الهند في المرحلة المقبلة حيث لوحظ انتشار واهتمام بالغ باللعبة كتب عنه عدد من الخبراء والمدربين الإنجليز والألمان الذين مروا على برامج تطوير اللعبة منذ عام 2006.

قد يستغرب البعض من هذا الكلام وقد يعتقد آخرون أن الهوكي والكريكت هما اللعبتان الوحيدتان في الهند ولكن الحقيقة أن إقليم كلكتا يحظى بانتشار واسع لكرة القدم وقد يجهل البعض أن الاتحاد الهندي لكرة القدم تأسس عام 1937 وكانت الهند قد تأهلت لمونديال البرازيل عام 1950 ورفض الفيفا مشاركتها لإصرارهم باللعب دون أحذية.

اليوم تعيش اليابان وكوريا الجنوبية حالة تخطيط في كرة القدم تعتبر أنموذجا يحتذى لغيرهم من الاتحادات في القارة الآسيوية التي تعيش على الفوضى والصدفة وردة الفعل وضعف الاهتمام وعدم وضوح الرؤية ووهن في العمل الإداري أو عدم كفاية الموهبة وقلتها.

لا يمكن أن تنجح في كرة القدم وتستمر وبثبات عال في المستوى الفني والتنظيمي والإداري إلا من خلال خطة استراتيجية مكتوبة وواضحة مبنية على المعطيات الموجودة في الدولة والإمكانات المتاحة للاتحاد المحلي، وتقودها مجموعة من الأشخاص القياديين الأقوياء المؤهلين والخبراء في مجال اللعبة فنيا وإداريا.

أنتظر من الاتحادات الكروية الخليجية الفاشلة وغير المستقرة في المستوى الفني والإداري، والمهزوزة في حضورها القاري والدولي، والتي يصرف عليها ملايين الدولارات أن تعيد النظر في آلية عملها وإداراتها للعبة، وأن ترسم الخطط السليمة والصحيحة لاستمرار توهج منتخباتها الوطنية واستمرارها بثبات لسنوات طويلة تحقق من خلالها الإنجازات والبطولات.