"كما تدين تدان. وكما تَنقد تُنقَد. والجزاء من جنس العمل". عبارات نحفظها ونرددها، ثم لا نلبث أن نروغ عنها، وكأننا نرددها لعامة الناس لكنها لا تنطبق علينا!

"شُعيب المطر"، شخصية عامة يخرج في المحافل ويحاضر على الناس ليرفع مستوى الوعي لديها، ويكتب للناس ليناقش قضاياهم ويشرح لهم ما يراه هو جهلا في المجتمع، ويطل عليهم من "تويتر" ناقدا ناقما على غيره. ينتشي بالثناء ويحتفظ بـ"تغريدات المديح"، يُعلم الناس أن هذا صواب وذاك خطأ، لكنه لا يقبل أن يقول له الناس فعلك "هذا" خطأ ويخالف ما تتفوه به في محاضراتك!

شيء طبيعي أن تنقُد وهذا حق مشاع للجميع خاصة في زمن "تويتر" وأخواتها من برامج التواصل الاجتماعي، لكن ما يخالف الطبيعي والمنطقي أن تكون "ناقدا" لا يُنقَد، ومتحدثا لا يسمع، وأن تكون لسانا بلا أذن!

مخزٍ أن تدعي التزامك بتطبيق "النظام" علانية، بينما أنت تخالفه "سرا" وبأسماء مستعارة. مخزٍ أن تكشف خطأك بنفسك ثم تغضب ممن ينتقدك أو يسألك عن ذاك التصرف، ولا تبرر ولا توضح!

"الأنا" إذا تضخمت؛ تسبب لوثة للعقل، فتحيل مريض "الأنا" إلى "جاهل" حتى لو كان يحملُ علما ويملك فهما!

يقول الإمام محمد الغزالي: كن عصيا على النقد، وينقل عن "دايل كارنيجي" أنه قال: قابلت ذات يوم الجنرال سميدلي بتلر الملقب بشيطان الجحيم والمعروف بأنه من أحزم القادة الذين تعاقبوا على البحرية الأميركية، فأخبرني أنه كان في صباه طموحا إلى الشهرة الواسعة والجاه العريض وقوة الشخصية، ولهذا كان يضيق بأقل ما يوجه إليه من نقد، ويهيج لأتفه ما يمس الكبرياء، إلا أن الأعوام الثلاثين التي قضاها في البحرية غيرت طباعه، وجعلته أمنع من أن ينال منه النقد.

ويقول الجنرال: لطالما ذقت صنوفا من الإهانة والإذلال، وطالما رميت بأني كلبٌ عقور، وحية رقطاء، وثعلب مراوغ. ولطالما شتمني خبراء في فن الشتم فلم يدعوا مقذعا من ألوان السباب إلا رموني به!

ويضيف الجنرال: ولو أنني سمعت اليوم واحدا يسبني لما حولت نظري إليه لأعرف من عساه يكون!

(بين قوسين)

ليس عيبا أن تخطئ لأنك "بشر"، لكن العيب أن تكابر عن الاعتراف والاعتذار.