الأسبوع قبل الماضي نشرت "الجارديان" البريطانية خبرا عن سخيّ مجهول ترك ألفي دولار عدا ونقدا بخشيشا للنادلة، هذا الحدث السعيد كان مسرحه مطعم شطائر خفيفة في "سان فرانسيسكو" الأميركية، والمناسبة عشيّة رأس السنة الجديدة!

والحقيقة أن "البخشيش" أو الإكرامية وبقدر ما يدل على تقدير الخدمة المميزة بقدر ما يرسم البهجة ويسعد الآخرين، خصوصا عندما نعلم أن رواتب عاملي الخدمات في المطاعم والمقاهي ونحوهما دون المستوى العام للرواتب.

بالطبع هناك الكثير من الحكايا الرائعة عن كرم البعض، وتقديمهم ما يفوق قيمة الفاتورة في حالات موثقة، لكنني هنا أستذكر تلك القصة التي لا تصدق لمفتش الشرطة النيويوركي "روبرت كانينجهام"، التي حدثت عام 1984 في مطعم بيتزا صغير، حينما عرض على النادلة "فيليس بنزو" أن تتقاسم معه تذكرة "يانصيب" من المحتمل أن تفوز بمليون دولار بدلا من بخشيش بخس، والعجيب أنها وعلى سبيل المزاح وافقت! واختارا ثلاثة أرقام من الأرقام الستة للتذكرة، بيد أن الإثارة حدثت في اليوم التالي عندما تضاعفت القيمة المحتملة للتذكرة من مليون إلى ستة ملايين دولار!. ونعم فازت التذكرة بالجائزة وحصل كلا الطرفين على ثلاثة ملايين دولار! لكن الإثارة لم تنته هنا، بل تحولت قصتهما الأسطورية بعد 10 سنوات إلى فيلم سينمائي من بطولة النجم "نيكولاس كيج" بعنوان: "من الممكن أن تحدث لك" It Could Happen to You ولكن مع تغيرات "دراماتيكية" في القصة، إذ تحول الزبون والنادلة إلى عاشقين، غير أن الحقيقة غير ذلك فلقد استمر المحقق "كانينجهام" في عمله حتى تقاعد، بينما استمرت "بنزو" نادلة حتى استقالت بعد أن ضاقت ذرعا بعشرات الزبائن الذين يعرضون عليها كل يوم مشاركتهم الفوز بتذكرة يانصيب!

بالطبع، هناك أعراف مختلفة للبخشيش حول العالم، فبعض المجتمعات لا تحبذها كما في اليابان، الذين يعدّونها تحقيرا لمن تدفعه له، إلا في حالة وجودها مضمنة في الفاتورة، والبعض الآخر قد يتطرف ويعدّها حقا واجبا كما في مصر أو المكسيك، أو حتى في أميركا، لدرجة تحديد نسبة مئوية قد تصل إلى 15% أو 20% من الفاتورة! لكنها تبقى في النهاية قرارا شخصيا تعبر به عن مدى رضاك عن مستوى الخدمة.

المهم ـ هنا ـ أنك إذا قررت أن تدفع إكرامية ما، فكن يا صديقي كريما.. سخيا.. أو تجاهلها وحسب!