لو كنت في باريس لشاركت في المظاهرة ضد الإرهاب، لأني متضرر منه بصفتي سعوديا وبصفتي مسلما.
إن كانت باريس قد تعرضت لحادث إرهابي واحد فالرياض ومكة وجدة والدمام قد تعرضت لحوادث إرهابية متكررة، وإن كانت باريس قد دفعت ضحايا ليوم واحد فمدننا وحدودنا دفعت عشرات الضحايا وما تزال. كنت سأشارك في المظاهرة لأنفي الإرهاب عن سعوديتي وأنفي الإرهاب عن إسلامي.
إن السكوت عن قتل "كافر" بريء هو رضا عن قتل مسلم بريء، والصمت عن قتل فرنسي بريء هو تأييد لقتل سعودي بريء. ليس هناك خيارات أخرى أمام إزهاق النفوس البريئة، ولا يوجد مبرر واحد للقبول بذلك. إن الذين ينتقدون قتل الأبرياء ثم يبررونه بظلم سياسي إنما يتعمدون خلط الأوراق وتأييد استمرار الحالة العمياء المهلكة.
في الوقت الذي بادرت الحكومة بإدانة صارمة واضحة وسريعة لحادث باريس قرأت وسمعت آراء كثيرة لسعوديين من مختلف الشرائح غارقة في التردد والتبرير وأحيانا التأييد لعملية شارلي. وأعتقد أن ذلك يعود لحالة الخلط اللاشعوري في الهوية بين الوطن والدين، وعدم الوضوح في أي منهما إضافة إلى عدم الجدّية في المعالجة، والتغاضي عمن يسوقه ويرعاه.
نحن - السعوديين- لدينا "إشكاليتنا" الخاصة مع الإرهاب، فَهْمًا وتعريفا ومكافحة. إننا نكتوي بناره منذ 20 سنة وتزيد، الدول الأخرى تعاني إرهاب أجانب عنها، بينما نحن نعاني من إرهاب أبنائنا، فلِمَ الخجل من الاعتراف بمشكلتنا؟! إن الخجل هنا "عرق" من عروق البلادة واستمرار للعب بالنار.
في مقال شجاع كتب جميل الذيابي: "أمام الدولة فرصة جديدة لمواجهة رموز الإرهاب والأسماء التي سعت أو تسعى لتلوث أفكار الشباب ثم تراوغ وتتذاكى وتتبرأ مما تقول كذبا، فمثلما أصدرت الدولة قائمة بالمنظمات الإرهابية، يجب أن تفعل الشيء نفسه إزاء هؤلاء الرموز. بالتزامن مع إصدار حزمة من الاستراتيجيات الوطنية والمبادرات الفاعلة لتنقية المجتمع من أصحاب الفكر الإرهابي، ومراقبة سلوكيات المتعاطفين والداعمين والمنافقين الذين يريدون تفجير البلاد والعباد، وتفكيك لُحمة ووحدة هذا الوطن".
في الواقع، نحن السعوديين، ولأسباب موضوعية، معنيون بالإرهاب، فخطره، منا وعلينا، أكثر من غيرنا.