في البدء، قد يتساءل بعضكم، لماذا أتطرق إلى هذا الأمر اليوم؟ وأقول بصفتي أطول رؤساء التحرير فترة في تاريخ هذه الصحيفة إلى الآن، أحب أن أشكركم على متعة شرف حظيت به -بسبب قضائي لكل هذه الفترة في رئاسة التحرير- وهو التعرف عن كثب على شخصية فذة، وقيادي محنك، وصاحب نظرة ثاقبة في جميع الأصعدة التي سلكها، ألا وهو رجل الفكر والإدارة والتربية الأمير خالد الفيصل. فكم أشكر الله أن هيأ لي الظروف أن أتعرف على الرجل أكثر.

على كرسي رئاسة تحرير "الوطن" الفتية، جلس من قبلي أساتذة كبار، أحترمهم وأقدرهم كثيرا، وأعرف تماما أنهم ضحوا بأشياء كثيرة خدمة لهذه الصحيفة، والصحافة السعودية بشكل عام، التي أصبح يؤرخ لها بـ"قبل الوطن وبعد الوطن"، حين صدرت قبل 14 عاما وبضعة أشهر.

عندما قدمت إلى هذه الزرقاء الجذابة قبل أكثر من ثلاثة أعوام، كنت أعرف جيدا أن كرسي الرئاسة ساخن جدا، لدرجة تجاوزت التأثير الإيجابي إلى الآخر السلبي المنعكس على بيئة العمل غير المستقرة، لسبب بدهي وهو سرعة وتيرة التغيير في الكرسي الأول، وما يتركه ذلك من تشتيت لتفكير قياديي الصف الثاني ومن تحتهم من أقسام ومحررين ومحررات، وصولا إلى أصغر المراسلين والمراسلات، إذ جرى العرف أن لكل شيخ طريقته، وإن حاول الجميع ألا يحيدوا عن الهدف.

عطفا على ما سبق، كان لزاما علي أن أوفر تلك البيئة المستقرة، بما لا يخل بنكهة "الوطن" المختلفة وجرأتها وقوة طرحها، مع فرض الموضوعية والرفض التام للإثارة الممجوجة، ولم تكن "الوطن" صاحبتها، وإن روّج بعض المناوئين لذلك.

وعودا على بدء أقول: إن من لا يشكر الناس لا يشكر الله، فشكرا لسمو رئيس مجلس الإدارة الأمير بندر بن خالد الفيصل، على ثقته ودعمه لي طوال السنوات الماضية، ولنائبه العزيز جدا عبدالعزيز العنبر.

من خلال رصد محايدين وخبراء إعلام مستقلين، بعضهم ينتسب ضمنا إلى مؤسسات إعلامية منافسة، وردت شهادات واضحة وصريحة تثني على مهنية ورصانة وموضوعية طرح "الوطن"، وهذا أمر لا يفوتني أن أشير من خلاله إلى سر استمرار بريق "الوطن" في تاج المشهد الإعلامي السعودي، وهو أنها تملك طاقات شابة واعية ومتزنة وعميقة المهنية في الوقت ذاته، فشكرا لهم جميعا، وعلى رأسهم نائبا رئيس التحرير ماجد البسام وعبدالعزيز الشمري، ومدير التحرير التنفيذي الذي غادرنا قبل أسابيع عيسى سوادي، ومديرو التحرير والمراكز أديب الآغا وعبدالقادر عياد وتركي الصهيل وحسن السلمي وصالح الداود وسلمان عسكر والأديب أحمد التيهاني وحسن الأسمري وخالد العويجان ونايف العصيمي ورياض المسلم وعبدالله الأسمري، وللمبدعين القائمين على الأقسام الفنية أسعد عاشور وصالح السريعي وسعيد البشري وعادل رديف وبقية معاونيهم.

وخالد جهاد ومن سبقوه في مكتب الدمام. ولا أنسى الصديق الصدوق لقمان البلوشي وأسماء أخرى لامعة لن يتسع هذا العمود لذكرها جميعا، لكنهم يعلمون تماما حجم محبتي وتقديري وامتناني لهم، وفي الختام أقول شكرا لـ"الوطن" بحجم الوطن، وستبقى الصحيفة الأقوى تأثيرا، والعاملون بها الأكثر طلبا لدى الصحف الشقيقة، مع خالص تقديري واعتذاري للجميع.