قبل أيام أعلنت بريطانيا أن عدد الذين التحقوا بـ"داعش" من بريطانيا منذ نشأتها وصل إلى 600 مواطن بريطاني، وبالطبع جميعهم مسلمون ومن أصول آسيوية أو أفريقية، وكانت بريطانيا قد بدأت منذ الصيف الماضي ترصد وبشكل يومي خروج أعداد كبيرة من مسلميها للقتال في العراق وسورية مع بداية تكون الدولة الداعشية، وتقول بعض المصادر إن خمسة بريطانيين ينضمون لـ"داعش" كل أسبوع، وهو ما يمثل قلقا كبير على الحكومة.

وفي وقت كان من المتوقع حدوث عمل إرهابي في بريطانيا مع زيادة التعاطف الداعشي وارتفاع المخاوف الأمنية، وكما توقع مراقبون للداخل البريطاني بتنفيذ هجمات، فوجئ المجتمع الدولي أن العمل الإرهابي وقع في باريس، وأن الجهة التي نفذت العملية هي "القاعدة"، بحسب الدلائل الأولية ومنها أن الأخوين كواشي منفذَي العملية محسوبان على التنظيم وتلقيا تدريبا في اليمن، وهو ما ينبئ بعودة قوية لـ"القاعدة" في مواجهة "داعش".

والمفارقة العجيبة أن هذين التنظيمين رغم أنهما يمثلان نفس الفكر الدموي المتطرف إلا أنهما يكفران بعضهما، فالدواعش لا يعترفون بزعيم تنظيم القاعدة الظواهري لأنه لم يبايع زعيمهم البغدادي، وبالتالي فالتنظيم كله كافر، وهذا ما يمكن فهمه بالمجمل، لكن المؤكد أن هناك علاقات مصلحة بين التنظيمين، خصوصا فيما يخص التحركات داخل الدول الغربية وفي سجونها التي تعد مكانا خصبا لتبادل الأفكار والرؤى.

"القاعدة" تبدو أكثر نفوذا من "داعش" في أوروبا، وقد نفذت عددا من العمليات خلال السنوات العشر الماضية، وهناك تطور ملحوظ في نوعية العمليات وتطور في الأساليب، كما حدث مع عملية "شارلي إيبدو" التي نفذت على طريقة المافيا، لكن "داعش" بدأ يلوح بتهديداته للغرب بعد عملية "القاعدة" وتوعد قبل أيام بنقل الحرب إلى داخل بريطانيا، والدور الكبير اليوم على العمل الأمني في هذه البلاد للتصدي للإرهاب وإفشال مخططات هذه التنظيمات.