ما من مرة اطلعت على حديث أو رسالة أو تداخل من مبتعث سعودي في الخارج، إلا أجده يشتكي من سوء العلاقة بين المشرفين الدراسيين والطلاب السعوديين المبتعثين الذين يقعون تحت إشرافهم، والسبب أن أمر الطالب ومستقبله أصبح بيد المشرفين وهم من الجنسيات العربية المقيمة في بلاد الابتعاث.
قد لا نلوم المشرفين، إذ إن كلا منهم يعنى بأعداد طلابية كبيرة ـ في أميركا وكندا مشرف واحد لكل ألف طالب تقريبا ـ قد تكون إدارتها والتواصل معها مكلفة جدا، زمنا وقدرة.
لذا كثرت هذه الأخطاء والادعاءات، وباتت المشكلة الأكبر التي يعاني منها أبناؤنا وتؤرقهم وتجدها حاضرة حين أي سؤال لهم عن تعليمهم، وفي ذلك ما اطلعت عليه عبر أحد الطلاب في أميركا ولدي معلوماته، وهو يشتكي من عدم تجاوب المشرف، غير أنه ينفي تماما أن يكون قد تلقى إشعارات عبر إيميلات من المشرف ليخسر كثيرا من جراء عدم تواصله معه وادعاء الأخير بأنه راسله ولم يجب، وما زال يلح على الملحقية أن عليها التحقق من الموضوع، لكن لا حياة لمن تنادي، لأن المشرف في نظرها دائما على حق!
هنا لا ننكر أن وزارة التعليم العالي قد قللت كثيرا من الإشكالات وزادت من التعاون من خلال بوابتها الإلكترونية، فيما يخص إجراءات كثيرة، إلا أن قضية المشرفين وحلها لم تتسن إلى الآن، وزادت أن أصبح المشرف هو المتحكم في مستقبل الطالب وحتى إجراءات حرمانه، وقبلها إيقاف المكافأة تبدأ من عنده، وفي ذلك وجب أن تكون أكثر قدرة على ضبط التعاملات مع المبتعثين.
ما يلفت النظر في هذه الإشكالية أن حلولا كثيرة قدمت لأجل علاجها، لكن وبكل أسف لم يؤخذ بها، وكان أحد أهمها ما طرحه مدير الشؤون الثقافية بالملحقية السعودية بكندا الدكتور سليمان الرياعي الذي قال خلال حوار صحفي في 2011: "كتبت فكرة لوكالة الابتعاث أتمنى أن ترى النور قريبا وهي مرتبطة بمشكلة تنقل لنا كل يوم من قبل المبتعثين، ولا أجد أي سبب يمنع علاجها إلا أن يكون القرار متخذا بعيدا عن الواقع، والفكرة هي توطين عمل الإشراف الدراسي بالملحقيات الثقافية بالخارج، بحيث يتم إنشاء مركز للإشراف الدراسي على المبتعثين يكون مقره المملكة، ويكون بديلا عن المشرفين الدراسيين في الملحقيات الثقافية، وتعمل فيه كفاءات سعودية بحيث يتولى المركز تنفيذ جميع الخدمات الإلكترونية، التي لا يلزم وجود منفذها في دولة مقر الابتعاث، مثل مراجعة التقارير الدراسية وتحصيلها إلكترونيا، وتنفيذ خدمات تغيير التخصص والجامعة وتنفيذ خدمات تغيير البيانات والاستفسارات النظامية، وهنالك أكثر من 40 خدمة لا يتطلب تنفيذها وجود المشرف الدراسي في الخارج، وبذلك يبقى دور الإشراف التعليمي في الملحقيات الثقافية محصورا على الأعمال التي يلزم تنفيذها في مقر البعثة وبعض الإجراءات المالية والمراسلات الكتابية".
لن أتحدث عن توظيف المشرفين السعوديين في الخارج لأني لا أعلم موانعها، إلا أن اقتراح الدكتور الرياعي في غاية الروعة وهو المدرك المطلع على الإشكالية، فضلا أن فيه تمكين سعوديين من العمل، غير أن لغة التواصل ستكون أكثر سهولة بين أبناء البلد الواحد. لكن لماذا لم يؤخذ به؟! الأكيد أنا لا نعلم؟ ولا يستطيع الإجابة إلا المعنيون بإصدار القرارات في الوزارة، أو المستفيدون منها!