حادث مروري على الطريق، ورجل ممدد يتلقى الإسعافات الأولية، منظر قد يكون شبه عادي، ويمر بخير، إلا أنه يتحول إلى كارثة إنسانية بسبب ازحام الناس وتجمهرهم حول الحادث، وفي الوقت الذي يدعي هذا المجتمع أنه يقترب شيئا فشيئا من أبسط مفاهيم الوعي والإحساس بالمسؤولية، تجد فئة الشباب الذين تعول عليهم الأوطان كثيرا لا يكتفون بالتجمهر، بل يتقاذفون هواتفهم المحمولة ويتناقلونها فيما بينهم، لتصل إلى من يقفون في أقرب نقطة من الحادث ليقوم هؤلاء بدورهم في التفنن في التقاط الصور التي تظهر المصاب في أشنع صورة قبل أن يمسح المسعف الدم عن وجه، أو يباشر بإسعافه، وإذا رغبت في التقاط الصورة من زاوية أخرى، لتكون أكثر تأثيرا، إذ تبدو الأرض وعليها دماء نازفة، كل ما عليك فعله، هو أن تنقل هاتفك إلى من يقف على الجانب الآخر، ليفهم اللعبة، ويتحفك بصورة مروعة، تطير بها فرحا إلى إحدى قنوات التواصل الاجتماعي، فتتلقف الصورة والدة المصاب التي كانت تتسلى بالهاتف وهي تنتظره على الغداء، أو والده أو أخته. حتى لا نتحول إلى وحوش، قبل أن تمارس الحريات، يجب أن تسن القوانين.