بعيدا عن كل ما حمله العام الجاري 2014 من منعطفات أو اختلافات في البيت الخليجي، كان سجل الأهداف المشتركة الخليجية شاهدا على عدد من الإنجازات المشتركة في جوانب عدة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد أنجزت دول مجلس التعاون الخليجي 50% من أعمال مشروع الربط المائي، ومن المتوقع الانتهاء من المشروع في نوفمبر 2015. وعبر أكاديميون خليجيون تحدثوا إلى "الوطن"، عن تفاؤلهم بما ستتمخض عنه قمة الدوحة 2014، متفقين على أن دول المجلس دائما ما تكون أقوى بعد الخروج من الأزمات. وتزامنت تلك التفاؤلات مع تقرير أصدرته الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي عما تم إنجازه خلال عام 2014.
مستقبل واعد
مدير جامعة الإمارات الدكتور علي بن راشد النعيمي يرى في تصريحات إلى "الوطن"، أن قمة الدوحة المنتظرة تدعو إلى التفاؤل بمستقبل خليجي واعد، مشيرا إلى أن قادة دول المجلس يدركون أن الانتقال إلى مرحلة الاتحاد أمر مهم يخدم الشعوب ودول الخليج بشكل عام.
وقال النعيمي "إن تقييم العلاقات الخليجية لا بد أن ينطلق من أسس تجمع أهل الخليج والتاريخ المكون، أو الأساس التاريخي والجغرافي، إضافة إلى طبيعتنا نحن كشعوب خليجية، وللعلم فإن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، وأعتقد أنه مرت بنا بعض الأزمات لكن كلما مرت بنا أزمة في منطقتنا نخرج منها أقوى وعلاقتنا أفضل، والكل يدرك أن مصلحتنا ومصيرنا مشتركان، لذلك نحن الآن في مرحلة جديدة.
وأعرب مدير جامعة الإمارات عن تفاؤله بقمة الدوحة 2014، مرجعا ذلك إلى كون الخلافات دائما ما تكون عامل قوة، إضافة إلى أن التحديات التي تواجه المنطقة والشعوب تتطلب أن نضع أيدينا في أيدي بعضنا بعضا وأن لا نقف متفرجين في ما يحدث حولنا، بل يستلزم علينا إطلاق مبادرات تحمي مصالح أوطاننا وتكفينا الشر المتطاير من حولنا، مؤكدا أن ذلك لن يتحقق ما لم نكن متكاتفين كلنا واحد كدول وشعوب وأنظمة من أجل تحقيق هذا الأمر.
العمل بقلب واحد
وأردف النعيمي قائلا: "الآن لدى متخذي القرار إدراك أهمية أن نعمل بعقل وقلب واحد وأن نكون صفا واحدا من أجل تجاوز التحديات التي تواجهها منطقتنا، والاتحاد الخليجي حلم وأمل أهل الخليج ككل، وأعتقد أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، تلقى قبولا واسعا لدى شعوب الخليج، وقد يكون هناك من يريد دراستها لكن لا بد من أن نخطو خطوات فعليه للأمام لإتمام هذا الاتحاد، ومن ذلك سنعطي رسائل للداخل والخارج، بأن الاتحاد الخليجي سيتحقق بإرادة الشعوب والقادة ومستقبلنا بوحدتنا مع بعضنا البعض". وتمنى النعيمي من النخب والشخصيات الخليجية أن تصنع ثقافة خليجية مشتركة تجمع شعوب دول المجلس، وأن تبادر هذه النخب إلى توجيه الجماهير التوجه الذي يخدم المصلحة الخليجية، وأن نكون صفا واحدا، قادة وشعوبا.
الفرصة لمواجهة التحديات
من جانب آخر، أكد أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود الدكتور عادل المكينزي لـ"الوطن"، أن فكرة إنشاء مجلس التعاون الخليجي كانت لمواجهة التحديات التي كانت تحيط بالدول آنذاك أواخر السبعينات، مشيرا إلى أن التحديات التي تواجهها المنطقة اليوم أكبر وأشد من السابق.
واعتبر الدكتور عادل المكينزي قمة الدوحة 2014، تأخذ الجميع للتفاؤل بمخرجاتها، مبينا أن هذا التوقيت يعد فرصة سانحة لوضع آليات لمواجهة المشكلات والتحديات التي تواجه المنطقة. ودعا المكينزي إلى ضرورة إعطاء الملفات غير السياسية المشتركة بين دول المجلس أهمية قصوى، لافتا إلى أن الانعكاسات الإيجابية التي ستعود بالنفع على المواطن بالدرجة الأولى ستأخذ المجلس إلى الإتحاد الخليجي بشكل أسرع، مستشهدا بالتجربة الأوروبية التي بدأت كسوق أوروبي، وانتقلت إلى اتحاد للقوى الأوروبية.
حلم الاتحاد
وبين أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود أن الاتحاد الخليجي حلم، إلا أن قراءة الواقع تقول إن تحرك الملفات الأخرى والملف الاقتصادي تحديدا، بمحاوره الكثيرة، هو بوابة الوصول إلى الاتحاد. إلى ذلك، تسعى دول مجلس التعاون إلى تفعيل دور القطاع الخاص ومشاركته في مسيرة العمل المشترك عن طريق إتاحة الفرصة لمشاركة اتحاد غرف المجلس في اجتماعات اللجان الفنية، إضافة إلى عقد لقاءات مشتركة لمناقشة القضايا التي تهم القطاع الخاص، وتم عقد لقاءين مشتركين مع اتحاد الغرف الخليجية، وممثلين للقطاع الخاص خلال يناير ومارس في النصف الأول من عام 2014.
.. وفي الخليج.. الإنسان أولاً
ربما يجهل المواطن الخليجي والعربي بعضا من التفاصيل، التي قد يدخل كلها في حياته اليومية. على سبيل المثال، الربط الكهربائي الخليجي، المشروع الأضخم في تاريخ المجلس، ما يوفر أرضية خصبة لسوق خليجي متكامل، عماده الإنسان، لينتهي للإنسان.
ففيما يخص الربط الكهربائي، تم افتتاح المبنى الرئيس لهيئة الربط الكهربائي الخليجي في مدينة الدمام بالمملكة العربية السعودية في أبريل 2014، ومن جهة أخرى، تستمر جهود هيئة الربط الكهربائي الخليجي في العمل على إنشاء سوق لتجارة الطاقة الكهربائية بين الدول المشاركة، كما تقوم بالإسهام في دراسة الربط الكهربائي العربي الشامل. من جهتها، كشفت الأمانة العامة للمجلس وفي ما يخص سكة الحديد الخليجية المشتركة، أنه تم خلال العام استكمال تحديث إحداثيات مسار سكة حديد دول المجلس، ونقاط التقاء المسار في ما بين الدول الأعضاء المتجاورة، وتوقيعها على الخرائط الهندسية، إذ تم تزويد الدول الأعضاء بالخرائط الهندسية بشكلها النهائي، مؤكدة أن المشروع يسير في الاتجاه المطلوب.