يتحدث المجتمع عن التعليم وضرورة تطويره ليواكب التطلعات ويناسب عصر التسارع التقني والمعرفي، ويفي باحتياجات الوطن في مجالات الحياة المختلفة، والجانب الإيجابي في هذا المطلب هو وعي المجتمع بقيمة التربية والتعليم ودورهما المحوري في التقدم الذي نصبو إليه.
والدولة ليست بمعزل عن مطالب المجتمع، فلها خططها الطموحة ممثلة في مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم وغيره من المشاريع العملاقة في هذا الميدان.
ولأن أول خطوة من خطوات التطوير هي: تشخيص الواقع ومعرفة أين تكمن المشكلة؟ نطرح بعض التساؤلات.
إن أي نظام تعليمي يقوم على جانبين أساسيين هما: القيم التي تنبثق من دين وأخلاق المجتمع، والثاني القدرات وتشمل المعارف والمهارات، فأي الجانبين يحتاج إلى التطوير؟
إذا رأينا في واقعنا قاضيا يخالف مقتضيات العدل رغم فهمه لها، وطبيباً حاذقا يسوف في مواعيده ويتعامل مع المرضى في القطاع العام بطريقة تختلف عن تعامله معهم في المستشفيات الخاصة، ومهندسا يتقن فنون ومهارات الهندسة لكنه لا يجد إشكالا في الموافقة على ما يخالف أبسط مبادئها، ومعلماً يعرف فنون التدريس لكنه لا يعتني بها.. وقل: مثل ذلك في المحامي والجندي والموظف وغيرهم..
وإن لاحظنا إهمالا للبيئة واعتداءً على المرافق العامة، وتساهلا بالنظام وتغليباً للمصلحة الخاصة على العامة وتقديماً للمحسوبية والواسطة. إذا رأينا ذلك فإن أصابع الاتهام تتجه مباشرة إلى التربية والتعليم وتلقي بالمسؤولية عليها.
ولكن في أي جانبي التربية والتعليم تكمن المشكلة؟ أفي جانب القيم أم القدرات والمهارات؟
أترك الإجابة لتفكير القارئ الكريم.
وفي المقابل إذا كان عندنا قاض أو طبيب أو موظف أو محام أو معلم أو جندي تملؤه الرغبة في خدمة وطنه في مجال عمله ويسعى في ذلك، لكنه لا يعرف كيف؟!
وعندما يخفق كثير من الطلاب في اجتياز اختبار القدرات الذي تطلبه الجامعات، فأين المشكلة؟
إن كانت المشكلة في جانب القيم فنسأل: أهي في الكم الذي يقدم للطلاب، أم في الطريقة والأسلوب الذي به تغرس؟
وإذا اتجهنا إلى جانب القدرات وركزنا عليه وحده - متناسين جانب القيم- فربما خرّجنا مجموعة من المهنيين البارعين الذين يتخلون عن وطنهم لوجود عرض مادي أفضل لدى شركة في بلد آخر، سبب ذلك ضعف قيمة حب الوطن في تربيتهم.
هما جانبان مهمان للتربية، لكن الاهتمام بالقدرات والمهارات يغلب هذه الأيام في خطاب المنادين بالتطوير على جانب القيم رغم أهميتها.