اعتبروها مزحة إن قلت لكم إن معظم دول العالم لا يوجد فيها حراس على المدارس مثلنا، لكنها الحقيقة. نعم كثير من الشعوب التي تمارس الحياة بطريقة تختلف عن طريقتنا لا يوجد لديهم حراس على المدارس لأنه أصبحت لديهم قيم اعتبارية كبرى عززت فيهم المسؤولية الذاتية والنظام الآمن. ولهذا فليس مجال الحديث عن مجتمع خير أمة وقيم الأمانة وحفظ النفس والمال؛ سأتحدث عن الحارس، وليس لماذا يحرس.
الحراسة المدرسية إجراء أمني أساسي في المدارس بنين وبنات. وحراسة أية مدرسة لم تعد مقصورة على جلوس الحارس في غرفته الصغيرة بجانب باب المدرسة ليراقب الداخل والخارج طيلة فترة الدوام الرسمي للمدارس كل يوم، بل تنوعت المهام حتى أصبح الحارس هو المحرك الرئيسي للمدارس وخاصة مدارس البنات، إذ لا يمكن الاستغناء عنه فقد أصبح هو من يقوم بكل شيء، حتى دور المحرم يقوم به في مدارس البنات، ودور الأب، ودور العامل.. أدواره كثيرة، ومطلوب منه أن يكون "سوبرمان".
حراس المدارس هنا يفتقدون لأهم سببين ليكونوا جيدين: أن يكونوا مؤهلين لهذه الأدوار، وأن يحصلوا على استحقاقاتهم المالية والمعنوية كجنود مجهولين. هم يفتقدون لأبسط الشروط المهنية لمهنتهم (الحراسة)، ومنها اللياقة البدنية، فهم إما كبار بالسن أو ضعيفو البنية، بالإضافة إلى جهلهم بأمور الطوارئ والتعامل مع الحالات الطارئة مثل الحرائق والحوادث، وليست لديهم أي تعليمات أو تدريب بهذا الخصوص، وكل ما تهتم به وزارة التربية هو مسألة نظامية وجود الحارس إن كان أجنبيا، أو وضعه على درجة وظيفية متدنية لا تكاد تفي بمعيشته إن كان سعوديا.
بالرغم من أن الحارس على مدارس الأطفال والطلاب يعتبر صمام الأمان للمدرسة بأكملها إلا أنه لا يحظى بأي اهتمام فعلي، فالإدارة المدرسية تضع عليه عبء مسؤولية كل محتويات المدرسة، وأولياء الأمور لا يلقون بالاً لهذا الجندي المجهول الذي يجلس بالساعات لحراسة أبنائهم فقد شاهدت من يعاملهم بلا رحمة وبلا تقدير. ومن النادر أن يلتفت أولياء الأمور للمشقة التي يعانيها حراس المدارس صيفا وشتاء.
الخبر يقول: هروب طفلين يبلغان 7 سنوات من مدرستهما بالدمام، وعثور شرطة محطة القطار بالعاصمة عليهما بعد 16 ساعة من الاختفاء خلال الفسحة المدرسية، إذًا حارس المدرسة بحاجة لالتفاتة مسؤولة من التعليم ومن أولياء الأمور خاصة، وأؤكد على هذا الأمر في المراحل الأولية للتعليم مثل رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية.
الخبر الثاني يقول: إدارة التربية والتعليم في منطقة عسير ستتعاقد -وبصفة استثنائية-مع إحدى الشركات الأمنية المتخصصة لحراسة مدارس البنات. السؤال: شركات الحراسة هل سيكون لديها بعد النظر الكافي للتفريق بين حراسة المدارس وحراسة أماكن أخرى؟ هذا هو المطلوب. وهذا ما سيشكل فارقا.