هناك ثلاثة خيارات للتعليق على دراسة وتوصية مجلس الشورى الموقر، طبعا بخصوص مستوى ورقم (الخصوبة) لدى المواطن السعودي. الخيار الأول أن تأخذ المسألة بشيء من الظرافة والنكتة. حلول جاهزة مثل أن تضع كل شهر علبة حلول تنظيم للنسل على عتبة باب كل أسرة أو أن تضع بدلا منها ذلك (الكرتون) البلاستيكي الذي يحتفظ علي الموسى باسمه كي لا تمسحه أصابع الرقيب. الخيار الثاني أن تكتب عن (خصوبة السعودي) في كل شيء: من روعة الأفكار إلى الهياط القبلي إلى قداسة الزواج المتعدد، وهذه جزئية لو كتبتها لاحتجت إلى جريدة كاملة وهنا سأكتفي بالصمت.

ومن هنا سآخذ الموضوع على محمل الجد. هناك بالبرهان والعلم علاقة طردية رياضية ما بين حجم الثروة ونوعية التعليم في حجم وبناء الأسرة. سنبدأ بدراسة نشرتها الشقيقة صحيفة (المصري اليوم): في مصر يعيش الفلاح الأمي الخالص بعائلة من عشرة أبناء وبنات. تنخفض النسبة إلى ثمانية لدى حامل الابتدائية وإلى ستة لدى حامل الثانوية. وفي مصر أيضا يكتفي حامل الجامعة في المعدل بأربعة أطفال، وفي المكان الأخير تقول الدراسة ذاتها أن حاملي درجة الدكتوراه الحقيقية يكتفون بطفلين، وللحق هي دراسة ميدانية مدهشة. دعونا من مسطرة العلم لندخل إلى مسطرة الثروة: يتربع كارلوس سليم الحلو على عرش أثرياء الكون كله بثلاثة أطفال. يليه (وارن بوفيت) مالك (وول مارت) بطفلة واحدة. اكتفى الأشهر (بيل جيتس) بطفلين وهو الذي تبرع بنصف ثروته كلها للعمل الخيري لأنه وكما يقول مؤمن بأن طفليه لا يحتاجان لأكثر من 5% من كل ثروته. وعلى نفس الخط اكتفى الأمير الوليد بن طلال بخالد وريما رغم هذا الثراء الذي يمكن توزيعه على مئتي ألف أسرة لتعيش بحياة كريمة.

الخلاصة أن صندوق الأمم المتحدة للسكن والسكان يقول (ضمنيا) إن ربع سكان الكرة الأرضية اليوم يعيشون بلا هدف أو وظيفة أو مستقبل. وإذا ما صدقنا هذا الرقم فلنا أن نقول إن نصف هذا الشعب السعودي مجرد حمولة زائدة على العفش الممكن، وخذ هذا المثال للتقريب: نحن من بين أفقر خمس دول في مصادر الماء مثلما نحن الدولة الأولى في استهلاكه بالنسبة للفرد. وكل الخلاصة الجادة: رقم السكان لدينا هو أخطر أرقامنا الحمراء على الإطلاق، وهذه رسالة أكتبها للجيل الجديد:

حجم الأسرة مسألة جوهرية للتعليم والصحة والمستقبل، وكل ما أخشاه أن نموت على الصخور تماما مثل الضفادع حين يجف النهر.