أفكر جديا في التقاعد من العمل الحكومي. هذه الفكرة دفعتني إلى التفكير في السؤال الأهم: ماذا سأفعل بعد التقاعد؟!
طرحت السؤال على الكثير من الأصدقاء. وصلتني أفكار كثيرة. بعضها جميل لكن دونها "خرط القتاد" كما يقول أهل اللغة والأدب!
أجمل هذه الأفكار كان الانزواء في "شقة" تطل على إحدى البحيرات أو الغابات البعيدة، لممارسة صيد الطيور والغزلان البرية، والتلذذ بالتهامها!
الفكرة المجنونة الأخرى أن أتحول إلى مزارع، وهي فكرة وإن كانت مثمرة إلا أنها مكلفة وجاءت متأخرة بعد جفاف الأرض!
على أي حال، أغلب هذه الأفكار مُكلفة ماديا، ولذلك بحثت عن فكرة غير مكلفة، فتوصلت إلى فكرة مجانية تدر ذهبا، وهي مكتب لعمل الدراسات. "الخير واجد" وبعض مؤسسات الحكومة تشتري وتدفع بسخاء لكل دراسة حتى وإن كانت "أي كلام"!
والأجمل في هذه الفكرة أن لا أحد يسألك في البلد. لن تجد أحدا يحقق معك أو يطلب منك أي مستندات تؤكد دراستك أو مخرجاتها. اطبع دراستك عند أي "قرطاسية" وقم بالاتصال بأحد زملائك الصحفيين ليقوم بنشرها على ثلاثة أعمدة. وستكون محظوظا لو التقطتها إحدى المحطات التلفزيونية. هذا سيرفع ثمن دراساتك القادمة!
أمس القريب، قرأت دراسة نفذتها إحدى جامعاتنا العريقة، تقول إن النُعاس أهم أسباب الحوادث المرورية، وإن هناك أسبابا أخرى تتعلق بالمستوى التعليمي للسائق!
أي أن النعاس يتفوق على: السرعة ورداءة الطرق والتجاوز الخاطئ. وفي المقابل ـ كما تشير الدراسة ـ الأمور تخضع للمستوى التعليمي. ربما الذي يحمل دبلوم كلية تقنية يتسبب في الحوادث أكثر من الذي يحمل دبلوما صحيا!
وأكاد أقسم لكم بالله أنكم لن تجدوا من يسأل القائمين على هذه الدراسة، ولا أحد سيحاسبهم أو حتى يناقشهم على هذه الدراسة، التي تقول بشكل غير مباشر إن الأمور 100%، وإن المواطن هو السبب الأول في هذه الحوادث المرورية في السعودية!
كما قلت لكم ليس أنسب من افتتاح محل لعمل الدراسات، وستكون الدراسة الأولى بعنوان: "الوجبات السريعة أهم أسباب عزوف الشباب عن العمل في القطاع الخاص"!